المقالات

السجال الدائر بين "الأغلبية" و"التوافقية "


 

حميد الطرفي ||

 

       لعبة الحكم والمعارضة لعبة متأصلة في النظام الديمقراطي ، وفي بريطانيا صاحبة أعرق نظام ديمقراطي في العالم تسمى المعارضة بحكومة الظل ، أي إنها الحكومة الخفية أو الحكومة التي تنتظر دورها في استلام الحكم ، أو هي الحكومة التي تلازم الحكومة القائمة كظلها ، واذا جاز لنا التشبيه فهي القضاء الواقف كما تطلق السلطة القضائية على المحامين ونقابتهم لأنهم يوازون القضاة في مهمة بسط العدل بين الناس . المعارضة كذلك فهي من تقوم الحكومة وتترصد أخطاءها وانحرافاتها بقصد البناء طبعاً لا بقصد الهدم .  في الشرق لم نصل بعد الى هذا المستوى لأن الديمقراطية لم تترسخ بعد ، ولأن السلطة ليس أداةً لبسط العدل بين الناس وإنما هي في بعض الأحيان أداة للقمع والترهيب والتهميش ، فمن حق المعارضة أن تقلق على وجودها من السلطة التي تقع تحت ايدي المنافسين . قالوا أن بلد المكونات لا تصلح ان تكون به حكومة ومعارضة لأن الأغلبية المذهبية تعني تهميش الهويات الفرعية الأخرى ، فجاءت نظرية الأغلبية الوطنية وأول من نادى بها السيد المالكي ، ولكن جلال الطالباني رحمه الله كان يكرر أن الحكم في العراق بعد 2003 يجب ان يكون توافقي ، وها هو السيد المالكي اليوم يعود الى مبدأ الحكم التوافقي لأنه ومن معه لا يثق بأن المعارضة في حال قبولها ستكون في مأمن من ملاحقة تعسفية من قبل السلطة ، وأكثر من هذا أن المكونات الأخرى لا توافق على اجراء حوارات منفردة مع الفائزين من تلك المكونات ، اذ لايثق الوطني بالديمقراطي في كردستان ولا تقدم بالعزم في المناطق الغربية كما لا يثق الاطار بالتيار في الوسط والجنوب والعكس صحيح في كل ما تقدم ، الديمقراطية مولود غربي ، لم نتعامل معه في الشرق على انه فلسفة حكم ولا نمط ثقافي ، بل اتخذناه آلية من آليات الحكم المستوردة -وما أكثر ما نستورد - ، لذا فمن الطبيعي أن يبدو هذا المولود مشوهاً وإلى حين . المؤسسات الديمقراطية في العراق هشة ولا يسودها القانون ، ولا يحكمها العقل ، بل هي مؤسسات تنطلق قراراتها وأحكامها وفق ميول وأهواء القائمين عليها ، لذا من حق الفرقاء السياسيين أن يخشوا تعسف السلطة وتهورها ، هذا طبعاً وأعضاء المعارضة عدول ولم يرتكبوا مخالفات ، أو ارتكبوا مخالفات لا يعلمونها ، فما بالك إن كان منهم من ارتكب خطأً جسيماً أو جنايةً يحاسب عليها القانون ؟ وبناءً على ما تقدم فلا يبدو في الأفق نهوض فكرة حكومة الأغلبية الوطنية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك