المقالات

هابيل وقابيل السياسة ؟!


 عمر الناصر*||   عملية اقناع البشر على اخذ مبدأ التسامح تكاد نكون عملية معقدة للغاية وليست سهلة بالمطلق لان السير داخل حقل مليئ بألغام العنجهية سيترك حتما مخلفات وانشطار حقيقي لشضايا التأثيرات النفسية، وان التريث بأتخاذ اي قرار مصيري عادة ماينميه وجود ديمومة واستمرارية في تقبل الاخر وفق معايير وصفات نبيلة تستند على قانون مستمد فعلياً من القانون الالهي التي هي صفة من صفات الله، والدليل كلما شعر ابن ادم بالذنب والمعاصي توجه الى الله وبدأ بالاستغفار ، لتكون النتيجة الطبيعية في نهاية المطاف قبول المغفرة من رب العزة جل وعلا اي مسامحة البشر على اخطاءهم وتقصيرهم تجاه انفسهم وتجاه ربهم. التسامح هو منهج يحتاج لتدريب نفسي عالي لغرض ترويض النفس البشرية على نمط حياتي جديد ومختلف عن اللون المتبع من قبل الاخرين ، على اعتبار اننا عادة ماتميل الى ارجاع الحق وقد نثأر اذا ما سنحت لنا الفرصة لرد الاعتبار حتى ولو كان معنوياً بعد فترات طويلة من الانكسار ، فقد خلق الله الانسان وخلق معه حسن الظن ، أما سوء ألظن طبيعة مكتسبة تنامت من خلال الدخول بتجارب ألحياة بسبب عدم وجود عنوان حقيقي يؤطر ويحدد طبيعة التعاملات مع الاخرين، فنرى ان القيمة فيه متفاوتة تزداد وتنقص حسب النسبة ألمئوية للأيمان الموجود داخل كل واحد منا ، بمعنى أن عملية تثبيت اي مبدأ لترسيخ أسسه الرصينة يحتاج أولاً لارض معبدة وبيئة خصبة مناسبة تؤمن بما لايقبل الشك أن حسن الظن بألاخرين هو اللبنة ألاساسية التي يسير عليها المرء في تعاملاته اليومية معهم تعاملاً مادياً كان ام معنوياً ، ناهيك عن رسم خارطة طريق تؤمن بمعرفة الحدود القصوى للحقوق والحدود في الطروحات على اعتبار تبقى الكلمة في وثاق الانسان حتى تنطلق فأذا انطلقت اصبح الانسان في وثاقها.  اذا كانت احدى مبادئ حقوق الانسان تقول ( يولد الناس احراراً ) فهو بنفس الوقت يولد حاملاً معه طبيعته الفطرية والشعور الانساني الخالي من كل الشوائب او توجيه العقل البشري لغير تلك الطبيعة ، وبالامكان القول انه يولد كالكراس الابيض الخالية اوراقه من السطور والكلمات، انذاك يبدأ ذويه وألاقربين منه بملئه والكتابة فيه بالطريقة التي تعكس توجهاتهم وايدلوجياتهم وقناعاتهم الشخصية والفكرية ، فمنهم من يُضخ أليه افكاراً سلبية والنتيجة سينتج جيلاً محملاً بالحقد وألانانية ، وألاخر يُضخ اليه أفكاراً أيجابية فينتج جيلاً مليئا بحب الناس ونبذ الحقد الكراهية ، فليس من ألحكمة أن يعيش ألمرء واقعاً مريراً بكل المقاييس وفي داخله الضغينة والكره الذي يكنه للاخرين ليوّلد  في القلوب نيوترونات عدائية جاهزة للانطلاق في لحظة غياب ونسيان حقيقي للمواقف الايجابية من الطرف الاخر . أن سوء ألظن غالباً مايكون هو الذرة الأساسية في نشوب ألخلافات بين ألكثير من الناس وفي جميع النواحي السياسية كانت او ألاجتماعية ، وعادة ماتُخلق ألمشاكل وتنشب الازمات بسبب ضعف الثقة بينهم ، وليس بألأمر الهين أزالتها وزرع محلها صفاء النوايا المتبادلة بعد ليلة مرعبة من تلاطم امواج الانانية والغباء السياسي، لكوننا اليوم نقترب من مفترق طرق واضح المعالم ولانعلم ماهو القادم لان المستقبل المجهول يدعوا للتشاؤم في الكثير من ألاحيان ولكن أيماننا ألمطلق بالقضاء والقدر هو أحدى الثوابت السامية و القيم ألراسخة واليقين بالله تعالى.  أذاً فكراهية ألانسان لاخيه مكتسبة وليست فطرية غالباً ما تتدخل فيها ألعوامل ألسياسية والمادية المحيطة به، ومانراه أليوم من تصدع وتشققات وأمراض مجتمعية ماهي ألا نتيجة لتلك البذرة المكتسبة التي تكلمت عنها في بداية ألحديث ، فأذا أستطعنا من أقتلاع جذورها وغرس روح المحبة وألتسامح ونبذ ألتفرقة الطائفية والعنصرية واعلاء حقيقي لشأن التعايش السلمي واحترام الحقوق والحريات وفق منهجية ثابتة ورصينة سنرتقي انذاك قطعاً بواقعنا المؤلم لسلالم المجد والرفعة ولقمم العُلا والانسانية ولن نرى بعدهاً تكراراً لمشهد هابيل وقابيل ...  انتهى ..   *عمر الناصر / كاتب وباحث سياسي    خارج النص // ليس هنالك أعلى قيمة من تسامح ألانبياء مع ظالميهم ..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك