المقالات

الازمة تتفاقم وحلولها القريبة والبعيدة


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   بعد ايام قليلة يكون قد مضى شهران على اجراء الانتخابات المسماة زورا وبهتانا "مبكرة". شهران ولم تضع "العملية السياسية" ارجلها على الخط السريع المؤدي الى تشكيل ترويكا الحكم، اي الرئاسات الثلاث اضافة الى الحكومة. وهذا بحد ذاته دليل على ان العملية السياسية عليلة، مثل اخواتها في لبنان واسرائيل وبلجيكا. ويمكن معرفة المرض بالمقارنة، مثلا، بالعملية السياسية في بريطانيا والكويت. في الحالات الصحية تعلن نتائج الانتخابات في اليوم التالي على ابعد تقدير، وتشكل الحكومة في اليوم الذي يليه. هذا ما لا يحصل عندنا، ولأسباب كثيرة متفرعة من الاختلالات الحادة في المركَّب الحضاري للدولة العراقية ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة وفي مقدمتها الانسان حاكما ومحكوما. ليس من مهمة المثقف الانشغال اكثر من اللازم بما هو كائن، انما عليه ان يفكّر ويشتغل على ما ينبغي ان يكون، اي التوصل الى حلول مستقبلية تخرج البلاد والعباد من ازمات "ما هو كائن". ولهذا فليست العبرة بتقديم وصف للازمة، والاكتفاء بذلك، انما العبرة باقتراح حلول ومخارج لها ومنها.  وصلت الازمة عندنا "ذروة" قاعها. فقد تولى الحكم اقل الناس علما ومعرفة ودراية به، ولم تغير الانتخابات "المبكرة" من واقع الحال،  وغاب الاجماع الوطني على نتائجها، وتعمقت عيوب التأسيس ومضاعفاتها، وتفاقمت الازمة المعيشية ممثلة بخفض قيمة الدينار، وغلاء الاسعار، وتدني القدرة الشرائية للمواطنين، والارتفاع المستمر في معدلات البطالة، وغير ذلك مما يعرفه المواطنون.  وازاء هذا الوضع لابد من حل للازمة ومشكلاتها من بعدين: بعد عاجل سريع، وبعد آجل بعيد المدى. وتتولى الاشتغال على البعدين حكومة كفوءة، مشكلة من وزراء اصحاب خبرة وكفاءة علمية وقيادية وعقول مبتكرة، اضافة الى النزاهة والاخلاص والمثابرة، و تحظى برضا وقبول الجمهور، اي يتحقق الاجماع الوطني عليها حتى لو كانت حكومة "اغلبية سياسية"، بدون توصيفات اخرى لا معنى لها. في البعد العاجل السريع للحل، اقترحت في مقال سابق تبني "المشروع الوطني للاعمار"، على ان ترافقه اصلاحات سياسية سريعة تظهر نتائجها خلال السنوات الاربع المقبلة وصولا الى انتخابات عام ٢٠٢٥. ويمكن ان تكون الاصلاحات السياسية على مستويين، اما اصلاحات لدولة مكونات، او اصلاحات لدولة مواطنة (والثاني هو ما افضله ارتباطا بمشروعي للدولة الحضارية الحديثة). وفي الحالتين لابد من تشريع قانونين للاحزاب والانتخابات يؤديان الى تقليل عدد الاحزاب السياسية بصورة جذرية، تنهي التشرذم الحزبي على مستوى المكونات او على مستوى المواطنة، ويضعان شروطا قاسية للمشاركة في الحكومة. وقد قدمت افكارا محددة بهذا الصدد في مقالات كثيرة سابقة فلا اعيدها الان.  وسوف يؤدي المشروع الوطني للاعمار جنبا الى جنب مع الاصلاحات السياسية الى تحسين نوعية ومستوى معيشة المواطنين، بما في ذلك زيادة انتاجية المجتمع، وتنويع وتعظيم موارد الدولة، ومعالجة البطالة، وغير ذلك من المشكلات الحياتية التي يعاني منها المواطنون.  وهذا كله في البعد العاجل للحل الذي لا ينبغي ان يستغرق اكثر من اربع سنوات. اما البعد بعيد المدى، فيتمثل في اتخاذ الحكومة القادمة والتي بعدها، والتي بعدها (اي لفترة زمنية مدتها١٢ سنة) الخطوات التي تضع العراق في الطريق المؤدي الى الدولة الحضارية الحديثة. ولا يقولن احدٌ ان هذا الهدف لا يمكن تحقيقه في العراق، لانه الخيار الوحيد المتوفر، وماعداه استمرار الدول المتخلفة الحالية. ولهذا يجب ان يبذل المجتمع المستحيل من اجل الوصول اليها. وهذا يتطلب جملة امور، من بينها اقامة المدرسة الحضارية الحديثة التي تخرج اجيالا من المواطنين يشكلون الرافعة والقاعدة الاجتماعية المتينة لقيام الدولة الحضارية الحديثة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك