المقالات

مدارس اهلية غير ربحية


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   المكان الطبيعي الذي تنطلق منه المسيرة الطويلة نحو الدولة الحضارية الحديثة هو المدرسة. وهذا ما يتفق عليه المفكرون منذ قديم الزمان الى الان، فالمدرسة كانت وسوف تبقى الاداة الكبرى التي تملكها الدولة والمجتمع في بناء المواطن الصالح الفعال، الذي هو نواة المجتمع الصالح والدولة الصالحة. ولم اقل البيت لان المجتمع العراقي بوضعه الحالي جزء من المشكلة الحضارية التي يعاني منها العراق، وهي التخلف الحضاري او الخلل الحاد في المركَّب الحضاري ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة. لقد فقد المجتمع العراقي منذ زمن طويل القدرة على تطوير ذاته وانتاج الدولة الصالحة فضلا عن تنشئة  افراده تنشئة سليمة. وهذا هو السلب الذي دعا منذ وقت طويل الى تأسيس الجمعيات الاصلاحية والحركات التغييرية. وهذا يتطلب بناء المنهج الدراسي وفق منظور حضاري حديث يستوعب الدورة الدراسية الكاملة (١٢ سنة) بشكل متداخل. واقصد بالمتداخل ان المشروع ينطلق في ان واحد او سنة واحدة في كل المراحل الدراسية من المرحلة الاولى ابتدائي الى المرحلة السادسة ثانوي. ما يستلزم بذل جهد كبير للاعداد للانطلاق في ١٢ مرحلة دراسة في نفس السنة، ثم يستمر المشروع لمدة ١٢ سنة لاحقة. وقد يتضمن المشروع اضافة بعض المقررات الجديدة في التربية الحضارية، كما يتضمن توظيف نفس المقررات الموجودة في المدارس الحكومية بطريقة حضارية. كما يتطلب اعداد المدرسين والمدرسات اعداد خاصا ليكونوا مربين تربويين وقادة حضاريين ومغيرين اجتماعيين.  وقد سبق ان تحدثت عن هذه الفكرة في مقالات عديدة منذ عام ٢٠٠٤ الى حد الان، وقدمت الخطوط العريضة الى رؤساء الحكومات من نوري المالكي الى عادل عبد المهدي، وكذلك وزراء التربية، كما طرحته على بعض المدارس الاهلية التي كنت اظنها غير ربحية، ولكن دون جدوى، حتى وصلتُ الى حالة اليأس من استجابة الدولة لمثل هذا المشروع الحضاري الاستراتيجي. ولم يعد عندي امل في تتبنى حكومات الطبقة السياسية الحالية مشروعا تربويا حضاريا كالذي اطرحه. ولهذا خطر في ذهني ان اطرح هذه الفكرة على اصحاب القدرة المالية، ومن ضمنهم المرجعية الدينية، في ان يباشروا بفتح مدارس اهلية غير ربحية تتولى تحقيق وتنفيذ النظام التربوي القادر على تنشئة الطلبة وتربيتهم على منظومة القيم العليا الحافة بالمركّب الحضاري، اضافة الى المناهج والمقررات الرسمية. فاذا ما تبنت هذه المدارس المشروع على مدى ١٢ سنة متداخلة، فقد تكون ثمرة هذا الجهد الاكاديمي والتربوي والتعليمي ظهور شريحة من الشباب في المجتمع العراقي يجسدون هذه القيم الحضارية العليا في سلوكهم وعلاقاتهم.   ووضعت شرط او قيد ان تكون المدارس الاهلية المقترحة "غير ربحية" لعلمي بوجود مدارس وكليات اهلية ربحية، وهذه غير داخلة في مشروعي المقترح.  لكني اعلم في نفس الوقت بوجود اشخاص وربما مؤسسات تؤمن بنفس الفكرة. وقد اطلعت على كتيب بعنوان "التربية الاخلاقية والسلوك الانساني/ تأليف رسلي المالكي" المعد للصفوف الاول والثاني والثالث ابتدائي، لمجموعة مدارس حمورابي الاهلية الاساسية بالتعاون مع "منظمة رسلي لدعم وتطوير التعليم". والكتيب يحقق بعض من مقاصد النظام التربوي الحديث الذي ادعو اليه. ووجود هذه المبادرات يشجع على المضي قدما بطرح الفكرة وجوهرها ان تبادر جهات مالية مقتدرة الى تأسيس او تمويل مدارس اهلية غير ربحية تتبنى النظام التربوي الحضاري الحديث. ستكون المدرسة بموجب هذا المشروع قاعدة انطلاق التغيير المجتمعي على اساس حضارية، وقاعدة الاصلاح الحضاري، واخيرا قاعدة بناء الدولة الحضارية الحديثة في العراق.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عباس محمد كاظم
2022-03-02
التفاتة رصينة لمادة التربية الاخلاقية مقرونة بالسلوك الإنساني من السيد عبد الجبار الشبوط ..نأمل تبنيها مستقبلا لعلها تكون شمعه لجيل يمشي بالظلام
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك