المقالات

المثقف والمفكر بين الوعي والأداء


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

المثقف الهاوي يتميز بالمحدودية تجعله ينحصر في نطاق الهواية في الكثير من الأوقات  ؛ عكس المثقف المحترف الذي يجعل من ثقافته وسيلة لكسب عيشـه، من هنا نجد أغلب هؤلاء ينتمون لأيديولوجيات و أجنـدات سياسية معينة يملكون الامكانية التامة في توجيه الرأي العام وفق مايريدون من أهداف ونوايا، وحصره بفكرة محدودة، وهناك المثقف العضوي الذي يساهم في تطوير وعي الناس والمثقف التقليدي لا يمتلك خطابا يلامس حياة الناس وقضاياهم ومشاكلهم في حالات كثيرة ولا يستطيع ايصال المفهوم بشكل جيد وسلس، حتى ولو كان موسوعيا إلا النخب القليلة، بينما المثقف العضوي، ينطلق من فكر ووعي الناس، وبحسب المفكر  الأيطالي غرامشي : كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني ، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين ، وهي وظيفة لا يمتلكها الا اصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس .. ومن هنا يستخلص الفارق بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي .. الأول يعيش في برجه العاجي ويعتقد انه اعلى من كل الناس ، في حين أن الثاني يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين، هذا ما يؤكد ان لدينا فائض من المثقفين ، وقلة نادرة من المفكرين الرساليين العضويين و يفضي الكسل العقلي والارتهان لذهنية النوم والجمود إلى المزيد من العمى. ويعد فقدان البصيرة الروحية والفكرية والقدرة على التأمل الفلسفي مشكلة حقيقية، خاصة حين يتسرب لوعي المثقف الذي يجب أن يكون عنوانا على التنوير والانحياز لقيم العقل بلا مواربة، أو خذلان للمعنى الحقيقي للثقافة بوصفها سعيا إلى عالم أفضل بالخير، ، اما السياسي المثقف هو الذي ينظر إلى الواقع ويتعامل معه كما هو عليه بغض النظر عن الأيديولوجية التي يعتقد بشعاراتها الطنانة؛ أما السياسي المتعلم فهو الذي ينظر إلى الواقع كما يجب أن يكون عليه في إطار الأيديولوجية التي يتغنى بشعاراتها الرنانة .

ان المفكر الاجتماعي علي شريعتي يرى "بان المثقف هو من يمتلك الوعي السياسي والمقصود هنا بالسياسي ليس الاعلامي بل الافلاطوني اي الشعور بمصير الفرد والمجتمع وما يدور من أحداث لها تأثير كبير في نفس اللحظة على الفرد والمجتمع اذن من هنا نستطيع ان نقول ان المثقف تقع عليه مسؤولية كبيرة وهي مسؤولية إلهية قرانية شرعية اخلاقية ومن المؤسف جدا ان نطلق كلمة مثقف على إنسان نال الشهادة الدراسية ولكن لم يكن عنده الإحساس والشعور الكبيرين بمصير الفرد والمجتمع و من المؤسف جدا ان نطلق كلمة عالم او بروفسور او طبيب او مهندس او استاذ على انسان فاقد للشعور والإحساس بمصير الامة وهذا هو المثقف نعم انه نال الشهادة الدراسية ولكن لأجل مصالح دنيوية نفعية ضيقة ويقسم الشهيد محمد باقر الصدر( رض) المجتمع  الى ثلاث فئات تنعق وراء كل ناعق ومن هذه الفئات هم هؤلاء الشرذمة الذي نالوا الشهادة الدراسية لاجل مصالحهم الدنيوية والتسلط على رقاب الناس وهؤلاء من الهمج الرعاع اذن يجب ان لا نخدع بالمظاهر على نعطي انسان شان لا يستحقه ".

المفكر في الخلاصة هو الذي يتحفظ على كل الحقائق التي يتلقاها في حياته ويشكك بكل منها لا بل قد يتعوذ بالله من شر الحقيقة، أما المفكر المتعلم فهو الذي يتعصب إلى الحقيقة التي ينتمي إليها ويشكر الله على أنه أنعم عليه وحده دون بقية البشر بالحقيقة، ويناضل في سبيلها بكل ما تيسر لديه من حلاوة اللسان ودلاقة البيان،

اما المثقف بشكل عام فهو صاحب الثقافة المقروءة أو المكتسبة، بينما المفكر هو صاحب الثقافة التأملية. والمثقف، أي صاحب الثقافة المقروءة هو من يحمل خزينا معرفيا في ميدان أو أكثر من ميدان معرفي. ومن هذا الباب فقد أقام مقاربة نقدية على أساس الفصل بين المفكر والمثقف وعلى اساس الربط بين المثقف والعالم من جهة اخرى مرتكزا على خلفية نسقية تتصل بالتحليل الاجتماعي ويعتبر المكر خلاف المثقف لانهم ليسوا جماعة متميز ذات قاعدة اجتماعية و ليس لديهم القدرة على مواجهة الناس و لكن المثقف في الانطباع العام هو أقرب للمفكر من العالم، ويعتبر البعض الآخر ان المفكر هو موسوعة متنقلة يعالج كل القضايا المتاحة أمامه عكس العالم الذي يعتبر انسان متخصص في مجال معين تفوق فيه وصل لدرجة العولمة وهو يهتم في نظر حرب بتفكيك العوائق الذاتية للفكر، كما تتمثل في عادات الذهن، وقوالب الفهم، وأنظمة المعرفة، وآليات الخطاب، على نحو يتيح للمفكر أن يبتكر ويجدد سواء في حقول التفكير وأصعدة الفهم، أو في شكل التفكير ونمط التعاطي مع المفاهيم، فهو في النهاية صانع أفكار، أو مبتكر مفاهيم، أو خالق بيئات مفهومية..

ان الثقافة والفكر عند البعض هي أنها ما بقي من العلم ،بمعنى أخر فهي تلك الترسبات التي ترسخ في ذهن الإنسان والتي مردها إلى المطالعة بالدرجة الأولى أو المساجلات العلمية وهلم جرا، على عكس المفكر الذي يكون على وعي بما يفكر وبما يصنع فهو مثقف ولا بد، فهو في درجة أعلى ،لأنه يعمل بفكره وعقله في الربط بين الظواهر، ويستنبط ما شاء الله له من الفيوضات العلمية والأقوال والحكم،مشروعية المثقف تتحدد في أن ينطق بالحقيقة ويدافع عن الحقوق والمصالح والحريات، أما مشروعية المفكر فهي تتحدد في القيام بنقد المثقف، خاصة بعد أن فقد هذا الأخير أسلحته، وأصبح يشكل وجهاً من وجوه المشكلة، ومظهراً من مظاهر الأزمة في حياة المجتمع، ويسوقني القول أن مفكر اليوم هو حكيم الأمس، لأن بينهما من الشبه ما لا ينكره عاقل، فكلاهما يغرف من عصارة تجارب قد صهرت فكريهما لينتجا بذلك الوعي العميق والفهم الدقيق ما تلقفه العامة بعد ذلك فيصير من الحكم السائرة والأقوال المعتمدة في الحياة الإنسانية. وفي الآخر أن: المشكلة التي تكتنف تتجلى أكثر في الشبهة التي يعاينها البعض حيث يرى أن كل متعلم مثقف ، والحقيقة تعرض علينا أن الغالبية العظمى من المتعلمين غير مثقفين ولا نعني هنا الثقافة التخصصية بل العامة في تجل من تجلياتها والوعي الثقافي من منطلق حضاري يتسم بالخصوصية على المستوى الثاني ، بالتالي لا نستطيع أن نفترض أن كل متعلم مثقف ولا حتى أن نقول أن كل أديب مثقف ، الثقافة هي مشهد من التماهي الداخلي مع الخارجي في إطار من المواصفات التي تنطلق من مفهوم الهوية  بعيدا عن الشوفينية مع مراعاة تفاصيل الخصوصية أولا وآخرا.

 أن التعاون بين وسائل الإعلام ومراكز البحوث هو شيء ضروري لبيان ماهيت المصطلحات والمفاهيم التي تحدثنا عنها في هذا المقال ، لكنه ينبغي تحديد آلية وكيفية تحقيق هذا التعاون؛ والنقطة الثانية هي أن وسائل الإعلام تعتبر قنوات وسيطة بين مراكز البحوث التي هي بطبيعتها نخبوية وبين الجمهور، حيث تعمل على تبسيط ما تنتجه مراكز البحوث من دراسات وأبحاث ونشره للجمهور

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك