المقالات

جلد الذات عمل ضروري لا يقوم به إلا الشرفاء..!

1680 2021-10-21

 

عمار الجادر ||

 

يحتاج الإنسان أحيانا لانتقاد نفسه بشدة، وقد يصل ذلك إلى حد التعنيف مع ذاته، والسبب هو الشعور بالتقصير المفرط، وعدم إنجاز ما مطلوب منه، ومحاسبة النفس أمر ايجابي دائما، يأتي بنتائج جيدة إذا ما تعودنا عليه، وخططنا له مسبقا بشكل مستمر.

خلال فترة الصبا، رأيت في أحد الأيام حمارا، يجر عربه تعتليها كومة من أكياس الطحين، ودماءه تسيل على فخديه، والحبل المحيط بهما تحت ذيله، يزيد من جريان دمه، ليزيد من آلامه ومصاعبه، بينما يفاجئه سائقه، بجلده على جراحة بين الفينة والأخرى.

رق قلبي لحال الحمار، فطلبت من صاحبه أن يتوقف، وجئت له بدواة وشاش حتى أضمد جراحه، فحملق بي الرجل مستغرباً، ثم وافق على طلبي، ولما إنتهيت من تضميد جراح الحمار، قال لي الرجل، "لا تتعب نفسك سوف تستمر الجراح".

فقلت له :"لماذا يا رجل؟ أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" فضحك مقهقهاً وقال: "بعض الناس لا ينفع معهم إلا الجلد والسلخ المستمر، حتى يؤدوا أعمالهم بشكل مقبول".

هذا الرجل لم يكن منصفاً مع الحمار، لكنه لم يتوصل لطريقة أخرى يتعامل بها مع حماره، فلو طبقنا تلك الطريقة على أنفسنا، بدلا من الحمار، لقلت خطايانا بشكل كبير، لأننا سننجز ماعلينا بكفاءة عالية وفعالية كبيرة.

فمحاسبة النفس الأمارة بالسوء، أولى من محاسبة الغير، وفي جلد الذات فائدة أعظم من جلد الآخرين، وسلخ الكبرياء ومجابهة الأهواء، يزيد من تقديرنا لذاتنا، واحترام الآخرين لنا.

إن ما حصل لبلدنا خلال السنوات الماضية من كوارث ومصائب وأزمات، هو نتيجة لعدم محاسبة المسؤول نفسه، وإطلاق العنان لها في توجيه الانتقاد المستمر للآخرين، ومحاولة تسقيطهم والانتقاص منهم دائما، ولأسباب سياسية واضحة، مما أدى إلى توليد العداوات وعدم التجانس معهم، وخلق جو سياسي مرعب.

المسؤولون والسياسيون وأحزابهم وبرامجهم؛ بحاجة إلى مراجعة دائمة ومستمرة، والتهذيب المستمر للأفعال والأقوال معا، وتقبل الآخر، وبناء جسور الثقة واستمرارية إدامة الصلة، وعليهم أيضا تحديد الطرق الناقدة للذات، وتقبل النقد بإيجابية.

جلد الذات عمل كبير وعظيم، لا يقوم به "الصغار"عادة، وهو متعب ومرهق للجسد، لكنه مروض للنفس، وصاقل الشخصية، وكما قال المتنبي "إذا كانت النفوس كبارا - تعبت في مرادها الأجسام".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك