المقالات

ثبات المبادئ والأخلاق في اختلاف المراحل


 

الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||

 

بتدبر آيات سورة يوسف تستطيع استنباط عنوان رائع وهو (ثبات المبادئ في اختلاف المراحل) فبقيَّ النبي يوسف (ع) ثابت الأخلاق والمبادئ برغم تعدد المواقف والمراحل التي مر بها، فثبات ذلك نجده وهو ضعيف في السجن ونفس  الثبات نجده وهو يتولى أعلى المناصب في الدولة (عزيز مصر) والذي يثير القارئ ويشدّ انتباهه إنّ هذا الاعتراف ليس من شخصه بل من الآخرين الذين عاصروه وعاشروه فأبدوا ذلك التقييم الموضوعي، فتجده يُوصف من المحسنين وهو في السجن لا يملك شيئاً لكن أخلاقه وحسن معاشرته أجبرت السجينين أن يصرّحا بما رأياه منه، إذ يذكر القرآن الكريم ذلك بالقول    وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ  يوسف / 36 .

وربَّ قائل يقول إن ذلك حدث لأن يوسف (ع) ضعيف وفي السجن فلا يملك شيئاً فيتظاهر بالأخلاق ليُطلَق سراحه، لكنه (ع) هدّم تلك التقولات عندما أصبح عزيز مصر وبقيَّ على الأخلاق والمبادئ نفسها بالرغم من قدرته واستطاعته أن يفعل دون محاسبة، لكن رقيب السلطة العليا وهو (الله عز وجل) والرقيب الذاتي (ضميره) يجعلاه أن تتكون لديه طبيعة أخلاقية بصورة سجيّة لا اصطناع مؤقت، ودلالة ذلك نجده في القرآن، إذ تقول الآية عند مجيء اخوته له بعد أن أصبح عزيز مصر   قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ يوسف /  78.

لذلك ضرب يوسف أروع الأمثلة في ثبات الأخلاق وعدم تأثره بالمناصب ومغريات الدنيا، فصاحب الأخلاق العالية تبقى متجذّرة في نفسه وبصورة متنامية كلما ارتقى مكاناً ومنصباً ارتقت روحه من الداخل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك