المقالات

الانتخابات بين المرجعية والمواطن والكتل السياسية

1604 2021-10-01

  ضحى الخالدي ||   أرجو أن يكون المواطنون المترقبون لموقف المرجعية من الانتخابات مستعدين لتنفيذ أوامرها الأبوية، فانتظارهم لموقف المرجعية ورأيها دلالة على وجود بصيص من الأمل لدى المواطن تجاه هذه الانتخابات المزمعة، وصدور بيان المرجعية الملزم بالمشاركة، لا يدع مجالاً للاختيار بين المشاركة، أو عدمها؛ بيان اكتسب قوة هائلة من ناحية الدعوة الى المشاركة، والتحذير من مغبّة المقاطعة، وتحديد آليات حازمة للتصويت على المرشح الأمثل، فالاستجابة لهذه الدعوة الأبوية لا بد أن تأتي في إطار مشابه لاستجابتهم المشرّفة لفتوى الجهاد الكفائي، فالبيان يحمل من معاني الدعوة الأبوية، والتحذير والإشفاق على مستقبل الشعب العراقي، وتحديد المعايير الملزِمة، ما يحمل. أما تأييد قادة الكتل السياسية والمسؤولين الحكوميين لهذا البيان، كما هي العادة في تأييد توصيات المرجعية السابقة دون تنفيذ، فإن المرجعية هي صمام أمان المجتمع، ويدرك المسؤولون المؤيدون خطورة الوضع القائم، وإشراف السفينة على الغرق مما يعني التعلق بقشة، ولا تملك الكتل السياسية إلا الانصياع لإرادة المرجعية ولو لفظياً نتيجة الإفلاس السياسي لمعظمها، وإن عدم تطبيق توصيات المرجعية في قابل الأيام يحمل تداعياته الخطيرة على مستقبل البلاد،والتي سيتحمل مسؤولياتها مَن يحاول الانتحار سياسياً لهاثاً وراء المطامع. لا بديل عن الانتخابات لحل الانسداد في العملية السياسية، والبديل هو الفوضى كما نعلم، وهو ما أكدته المرجعية، وإنْ لم تكن الانتخابات هي الغاية بعينها، أو الحل الناجع، إنما هي الوسيلة الأسلم، وكلي أمل بأن يستجيب الشعب العراقي لدعوة المرجعية في اختيار الأصلح، وعدم التصويت للفاسدين سواءً منهم مَن شارك سابقاً في العملية السياسية، أو مَن هو معروف بفساده في دائرته الانتخابية، فإن إعادة تدوير الفساد مع تغيير الوجوه، يحوّل الأروقة السياسية الى مكب للنفايات متعدد الأصناف والأشكال، لم نحصد منه سوى حكومات ضعيفة وكتل برلمانية متناحرة، ومسؤولين فاسدين، وبتكرار ذات المقدمات تتكرر ذات النتائج باحتراق الشارع العراقي، وسقوط الحكومات، وتكبّد أفدح الخسائر في الأرواح والأموال. ليست العبرة بتبديل الوجوه، أو بالإتيان بجديد، فبعض البرامج السابقة كانت مفيدة لبناء البلد وقوته كمذكرات التفاهم مع الصين، وميناء الفاو، ومشروع البنى التحتية، وتسليح الجيش العراقي وبقية الصنوف العسكرية والأمنية؛ ومشروع البترودولار؛العِلّة تكمن في القدرة على تنفيذ هذه البرامج. إقرار مثل هكذا مشاريع برلمانياً يحتاج كتلة أكبر قوية عابرةً على الأنانيات الفردية والحزبية، وتشكيلها يحتاج ائتلافاً بين عدة تحالفات وأحزاب تضع في حسبانها التهديدات الوجودية للمكوّن الأكبر، وتضع مصلحة البلاد والعباد بعين الاعتبار، وهو ما تعجز عنه كتلةٌ حزبيةٌ مَا بمفردها. ولقد نوهنا منذ بداية المداولات بخصوص قانون الانتخابات الحالي، وازدياد نسبة المشاركين المستقلين من مختلف التوجهات، الى أن ذلك سيربك العملية السياسية ويعرقل مسيرتها نتيجة اختلاف الرؤى والتوجهات، فالديموقراطيات الرصينة كلما نضجت قلّ عدد الأحزاب السياسية فيها، بينما نجد العكس في الحالة العراقية من خلال تضاعف أعداد الأحزاب، وزيادة عدد المرشحين المستقلين بشكل غير معقول كمّاً ونوعاً، بعكس ما نجده في الديموقراطيات العريقة كبريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا.  ولا يزال إعلامنا يحبو في مجال رفع مستوى الوعي لدى المتلقي في كل الميادين، وليس فقط الناخبين، لكنه يحاول على الأقل. جاءت توجيهات المرجعية للشعب العراقي باختيار المرشحين الذين يحافظون على سيادة العراق وأمنه لتضع الجميع على المحك، فوجود احتلالين أميركي وتركي على أرض العراق، إضافةً الى الإرهاب الداعشي والنفوذ الإقليمي لا سيما الخليجي هو مما يضر بسيادة العراق وأمنه، أضف الى ذلك شرط الحرص على ازدهار العراق، والعمل تحت مظلة الدستور، والتمسك بثوابت الشعب العراقي الأصيلة يعني استبعاداً لكل من يقف الى جانب بقاء قوات الاحتلال على أرض العراق، وكل الداعمين للإرهاب والتغلغل الخارجي، واستبعاد الفاسدين الذين دمروا العراق بسياساتهم الاقتصادية والمالية البائسة التي خيبت ظنون العراقيين، ولم تقدم لهم الخدمات وفرص العمل والرعاية الصحية والتعليمية التي يستحقونها، بل وحرمتهم من اللحاق بركب التقدم في المنطقة؛ واستبعد البيان كل من يدعو الى الانسلاخ عن ثوابت المجتمع العراقي وقيمه الأصيلة، فلا مكان لدعاة التطبيع والإلحاد والشذوذ والتهتك والتخريب في الخارطة السياسية المقبلة، وما على الكتل السياسية الإسلامية إلا التعاطي مع هذا البيان كفرصة أخيرة للحؤول دون  السقوط بالبلد نحو الهاوية، ولات حين مندم، لأنه كما يبدو فإن اشتراطات المرجعية هذه تحاكي توجهاتها وأهدافها ومنابعها الآيديولوجية، دون تحديد كتلة محددة، أو دعمها.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك