المقالات

العراق بين الهواجس والمعضلات


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

لازالت نفوس العراقيين تختلجها الكثير من الهموم الشائكة والمعاناة المشتركة بسبب الأوضاع الغير المستقرة والاستثنائية التي يمر بها هذا البلد على صعيد السياسة الهابطة والاقتصاد المنكسر، رغم ان المجتمع العراقي يعتبر من أكثر المجتمعات في المنطقة والعالم تأثيرا بسبب عمقه الحضاري والتاريخي والجغرافي، والذي بات علامة فارقة بين دول المجتمع الدولي لغياب أي تحول منطقي في المجتمع، في الوقت الحالي نظرا للأحداث الجسيمة التي عاشها شعبه بشكل مشترك مع بعض شعوب دول العالم واسوة بمختلف المجتمعات المتدنية مع الاسف.

 تتباين أشكال الهواجس التي تشغل شرائح المجتمع العراقي، فمنها ازمات شائكة بالغة التعقيد، عجزت الحكومات المتناوبة في ايجاد حلول لها لانها لم تفكر بها اساساً واهتمت بالجوانب النفعية الخاصة بقياداتها وشخوصها وهي تتضاعف يوماً بعد يوم، وأخرى يعتبرها البعض مفتعلة تضفي على تعقيدات المشهد الاجتماعي والسياسي معضلات ثقيلة مضاعفة جديدة مما سبب هجرة ملايين العراقيين إلى بلدان اخرى بسبب الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية، والاضطرابات التي شهدها ويشهدها خلال العقود الخمسة الماضية شملت شريحة واسعة من الشباب وهم الأكثر تفكيرا باللجوء في ظل غياب واضح لحل المشاكل؛ لأنهم يبحثون عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد.

في العراق يعد إصلاح النظام الحزبي فيه مقدمة ضرورية لإصلاح العملية السياسية والانتخابية بحيث تنتج حكومة فاعلة وفعالة وبرلمان مستقر، لذلك، من الضرورة  إصلاح قانون الأحزاب السياسية الذي لا يقل أهمية عن إصلاح قانون الانتخابات ووجود العديد من الأحزاب العبثية لا يشير بالضرورة إلى عملية سياسية ناضجة و الجزء الأكبر منها هو أحزاب "موسمية" لا تمارس أي أدوار سياسية أو اجتماعية خلال الدورات الانتخابية،وتنتهي  بعد الانتخابات، و تعكس حالة من التشوش والارتباك السياسي،  رغم ان  للمواطنين الحق في الانضمام أو التبديل بين هذه الأحزاب بحرية،في نفس الوقت لقد اعتادت الكتل السياسية على تشكيل حكومات توافقية من خلال تحالفات مختلفة ومتقاطعة في كثير من الأحيان.

تتجنب هذه الحكومات الائتلافية المتكونة من كتل مختلفة الصراعات التي من شأنها أن تعرض بقائها السياسي للخطر إذا كانت ستعارض إرادة الكتل السياسية الكبيرة من خلال تنفيذ أي إصلاحات جذرية حقيقية قد تضر بمصالحها.

لذلك ركزت معظم هذه الحكومات، سواء عن طيب خاطر أو بدون رغبة، على ملفات لا تؤثر على المصالح الأساسية للكتل السياسية الرئيسية - وبالتالي فإن أي إصلاحات لم يتم إنجازه إلا اذا كانت بعيدة كل البعد عن كونها جوهرية وأساسية للصالح العام بل فيها نفحات لصالح تلك الاحزاب والكتل،أما الحديث عن الفساد فهو خيال يتحول الى اسطورة لا يتحملها العقل والمنطق والمتخيل، ليس معضلة سياسية أساسية فحسب، بل هو أكبر مسبب للمشاكل الأمنية التي يتوجب مواجهته.

من المعلوم  أن ارتفاع مستوى الفساد في أي مجتمع هو انعكاس لغياب الحكم الصالح فيه، بمـا ينطـوي عليـه مـن عــدد مــن المقومــات التــي لــو تــوافرت فــي أي نظــام سياســي تجعــل مــن الفســاد ممارســة محــدودة ومــن هــذه المقومــات: العقلانيــة فــي اتخــاذ القــرارات وعلــى مســتوياته الأعلــى بشــكل خــاص، وتــوافر الشــفافية و المســائلة والمحاسبة، ولقضـاء أغـراض ماديـة خاصـة بأسـاليب ملتويـة، وعـدم تطبيـق المعـايير بسـبب الخضـوع لضـغوط معينـة،وغياب العلميـة فـي اختيـار المـوظفين ولا سـيما القيـاديين مـنهم، عـن طريـق اعتمـاد أسـلوب المحاصصـة والاعتبـارات السياسية، وعدم تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين، وتنازع السلطات، وضعف العمل الجماعي، وتفشي النزعــة الفرديــة فــي إدارة المؤسســات، وعــدم وضــوح الرؤيــة حــول إجــراءات التعــاون والتنســيق والتكامــل بــين المؤسسات الحكومية بشأن تقويض ظـواهر الفسـاد، والتغاضـي عـن معاقبـة كبـار المسـؤولين المتهمـين بالفسـاد أو سوء الإدارة واستغلال المنصـب الـذي أدى إلـى انهيـار منظومـة القـيم الأخلاقيـة، واسـتخفاف أفـراد المجتمـع بالقوانين النافذة في مختلف المجالات الحياتية والتنظيمية، ويفرض على من يتابع حركة الفساد وحجمه وتداعياته تجاوز التعريف الحالي له في العراق في سيطرة  مفاصل صنع القرار بالتحكم بالثروات الوطنية، ومن هنا في الكثير من الاحيان تكون الازمات بين أصحاب القرار والدولة العراقية بنيوية تتصل بفكرة عدم الانتماء إلى الوطن، مع ان هناك العديد من الجهات والمؤسسات الرسمية التي تعمل تحت يافطة مكافحة الفساد مثل هيئة النزاهة، ولجنة النزاهة في البرلمان، و ديوان الرقابة المالية، والمحاكم المختصة ولكن لم تتمكن من الافصاح عن هذه العوامل الفاسدة من الحيتان الكبيرة إلأ ما ندر من المستوى الادنى للمسؤولية  و لم تتخذ أي منها خطوات نحو الأمام في ما يتعلق بمحاسبة الفاسدين وتقديمهم للقضاء واسترداد المال  بشكل يطمئن الشعب من ان هناك فعلاً جهات تعمل جاهدة للقضاء على هذه الظاهرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك