المقالات

طالبان وإيران والأميركان


 

سالم مشكور ||

 

الانسحابُ الأميركي المرتبك من أفغانستان وتزامنه مع تمدد حركة طالبان واستيلائها على المدن الواحدة تلو الأخرى، أربك حتى المراقبين، فراحوا يحللون الأمر بتنوع تراوح بين "هزيمة أميركية" و"خطة أميركية" للضغط على عدة دول بينها إيران. لكن اللافت للنظر كان الموقف الإيراني من تمدد طالبان، ووصولها الى الحدود الإيرانية، فلم يصدر أي إعراب إيراني عن القلق مما يجري، بل على العكس تماماً، فان الاعلام الإيراني تعاطى بإيجابية مع الأمر باعتباره هزيمة أميركية ونهاية لاحتلال أميركي دام عقدين.

لم يكن في الموقف الإيراني أي "ترقّب" أو "انحناء أمام عاصفة" كما رأى البعض، بل كان واضحاً أن طهران رتّبت أوراقها مع حركة طالبان مسبقاً، ربما قبل مفاوضات الحركة مع الجانب الأميركي في الدوحة وما تمخض عنها من اتفاق الانسحاب. منذ ظهور حركة طالبان وتمددها في أفغانستان عام 1996 والعلاقات بينها وبين إيران عدائية، لكن الامر تغيّر بعد الدخول العسكري الأميركي وهزيمة الحركة قبل عقدين. هنا فعّلت طهران براغماتيتها، وتخطيطها الستراتيجي بعيد النظر. استضافت الكثير من قيادات الحركة والمنهزمين، مع اسرهم في ايران، ووفرت لهم الحماية ومنحتهم جوازات سفر لتسهيل حركتهم. تعاملت مع الامر من زاوية أنهم أفغان وإن بديلهم هو وجود أميركي على مئات الكيلومترات من الحدود مع إيران، خصوصا بعد اسقاط صدام ودخول القوات الأميركية الى العراق. هكذا كانت إيران أحيطت بطوق أميركي يشدد من حصارها.

من أداء الدبلوماسية الإيرانية خلال عقود، يبدو واضحاً فيها بعد النظر، والتعامل بواقعية وستراتيجية مدروسة. فخروج القوات الأميركية من أفغانستان يعد سبباً كافيا لدعم طالبان ومساعدتها في استعادة نفوذها، بما هو أكثر من الدعم السياسي.

الأداء السياسي لحركة طالبان، تزامنا مع تمددها السريع، كشف عن نضج واضح عكسته وفود الحركة الى الدول المحيطة بأفغانستان وتلك المعنية بشأنه، مع خصوصية للعلاقة مع إيران متأتية من قرب جانب كبير من قياداتها من طهران، بفعل الإقامة والدعم المقّدم لهم على مدى عقدين.

لكن، ماذا لو عادت طالبان الى نهجها السابق خصوصاً في علاقاتها مع ايران؟ يجيب مصدر مقرب من مراكز القرار الايراني بالقول: "الأمور مضبوطة حتى الان، وفي حال أي تغييرات، فإن لدى إيران الخطة ب ".

في أفغانستان اليوم قوة كبيرة باسم "فاطميون" ذات خبرة قتالية عالية كسبتها من حرب سوريا، ربما تكون عنصراً أساسياً في "الخطة ب ".

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك