المقالات

تكميم أفواه الأعلام


 

يونس الكعبي ||

 

من مخرجات العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 وأنجازات النظام الديموقراطي هو حرية الرأي وحرية الصحافة وكذلك الفضاء الحر ووجود مؤسسات إعلامية مستقلة وبعيدة عن سلطة الدولة ورقابتها الشديدة ، ونتج عن ذلك عشرات القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية وكذلك الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

هذا الكم الهائل من الأعلام والوسائل الأعلامية جمع الكثير من التناقضات في بلد يعيش أصلاً على التناقضات وضاعت الكثير من المفاهيم والاسس التي تعمل بها هذه المؤسسات ، ولكن رغم كل المساويء كان هناك صوت حر وأعلام يستطيع متابعة كل شاردة وواردة ، وأصبح الأعلام المحرك الرئيس للمجتمع والمواطن يتابع البرامج المختلفة ولا سيما السياسية منها كون العراق بلد متقلب الأوضاع والأحداث متسارعة فيه دائماً.

والمفاجيء بعد هذا الأنفتاح الأعلامي هو صدور تعليمات هيئة الأعلام والأتصالات بتقييد جديد يحدد هوية الضيوف وتحمل من يخرج في البرامج الحوارية مسؤولية ما يتحدث به ، ربما القصد حسن من وراء هذا الأعمام ولكن من وجهة نظر أخرى هو تقييد للحرية الصحفية كما هو تقييد لعمل العاملين في الأعلام من مقدمي برامج ومراسلين ومحللين سياسيين ويهدف هذا الأعمام الى الحد من الأنتقادات الواسعة التي طالت الأداء الحكومي والأداء السياسي للأحزاب الحاكمة في العراق.

ولكن حتى مع هذا التقييد لا يمكن وقف حرية الرأي والتعبير التي وجد المواطن فسحة للتعبير عن همومه ومشاكله وحتى وإن حدث تقييد على القنوات الفضائية فهناك العشرات من المواقع الألكترونية  ووسائل التواصل الأجتماعي التي تعج بالكثير من الآراء والأنتقادات اللاذعة لكل ما هو سيء ، إن العمل الأعلامي هو عمل شجاع ويأخذ الحقيقة من مصادرها الأساسية ويستمع الى شكاوى الناس والتغلغل الى اعماق المجتمع لتسليط الأضواء على الحقائق كما هي بدون رتوش.

وكان الأجدى أن تدعم المؤسسات الحكومية مراكز البحوث والدراسات التي هي المصدر الأساسي للحوارات السياسية والأقتصادية ، فأصحاب الرأي من أعضاء هذه المراكز هم اللبنة الأساسية للبرامج في القنوات الفضائية بدل الأعتماد على سياسيين متناقضين يقضون معظم الوقت في مناكفات سياسية لا تنفع في شيء إلا في زيادة الهوة بين أفراد المجتمع ، وتعمل هذه الحوارات الجدلية على تمزيق النسيج المجتمعي على عكس الحوارات الأكاديمية التي تكون هادفة وتخرج بمخرجات يستفاد منها المواطن في فهم الحقائق والتفاعل مع الأحداث المهمة في المجتمع.

وكم من شخص أستوقفني في الطريق أو في محفل ليشكرني على كلمة أو تحليل أو أيضاح لحقائق ، وهذا دليل على وصول الكلمة الى متلقيها والأهم هو وقع هذه الكلمات في تغيير سلوك وتفكير المجتمع وهذا ما تهدف اليه مراكز البحوث والدراسات في تقديم فهم للمسؤول والمواطن في آن واحد كون أن هذه المراكز فيها كفاءات علمية وقدرات أعلامية تستطيع أن تتفاعل مع الأحداث في السياسة والأقتصاد والقانون والأمن ، وتستطيع من خلال التحليل العلمي الدقيق أن توصل الأفكار الأيجابية للمجتمع وتعمل على صناعة رأي عام محايد وبنفس الوقت تحصن المجتمع من الوقوع في المطبات التي تزعزع الأمن المجتمعي .

المطلوب إعادة النظر في هذه التعليمات التي صدرت عن هيئة الأعلام والأتصالات وتقديم دعم وحماية قانونية للمحلل السياسي واصحاب الفكر لتقديم كل ما يمكن تقديمه من أفكار بناءة تعمل على حفظ الوطن والمواطن

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك