المقالات

عيد الغدير؛عهد معهود وميثاق مأخوذ


 

الشيخ خير الله الهادي الشبكي ||

 

قال تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ‏ ما أُنْزِلَ‏ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس‏).

يوم لا كباقي الايام, عيد وعهد وميثاق وتبليغ, إذ أمر الله تعالى نبيه(صلى لله عليه وآله) بلغة تكشف أهمية الامر وصعوبة قبوله من قبل الناس الذي كانوا معتنقين الاسلام عن عهد جديد فغيَّر حياتهم ومناهجهم واستنقذهم من ظلمة الجهل والفساد إلى النور والاصلاح؛ فاختلفوا عليه بين من آمن به وبين من أسلم كراهة؛ بل اضطر بعضهم إلى دخول الاسلام خوفا من حدِّ السيف وبريقه اللامع والمخيف؛ فلم يدخل الايمان في قلوبهم, وكان حظهم الاعتراض والرفض والتسويف.

إن لغة الخطاب من الله تعالى إلى النبيِّ(صلى لله عليه وآله), كشفت عن علم الله عز وجل وعلم نبيِّه(صلى لله عليه وآله) بأن الناس قد لا يتقبلون هذا التبليغ الذي أمر الله به والمتمثل بتبيلغ المسلمين أن علياً (عليه السلام) هو الخليفة والوصي بعد رسول الله (صلى لله عليه وآله), فأكد سبحانه وتعالى بأن هذا الامر يتوقف عليه قبول الرسالة؛ ليفهم الناس والمسلمون أن دينهم الجديد لم يكتمل إلا بهذا التبليغ العظيم, ولن يتقبل سبحانه وتعالى منهم دينهم إلا بولاية علي عليه السلام.

إن التبليغ بالولاية لأمير المؤمنين عليه السلام كان عهد من الله تعالى إلى محمد وآل محمد صلوات الله عليهم, وكان بحق الميثاق المأخوذ الذي قطعه سبحانه وتعالى على سائر أنبياءه وخلقه, ففرض عليهم الامر تشريفاً لهم وتميزاً عن غيرهم من المعارضين؛ فكان الغدير عيداً للمؤمنين يتناقلون ذكراه عاماً بعد عامٍ بمزيد من البهجة والسرور كونه عيد الله الأكبر, ووكونه اليوم المبارك الذي أكد سبحانه بأن ذلك رضاه بعد أن قام النبي(صلى لله عليه وآله) بالتبيلغ رسمياً في يوم مميز عند مفترق الطرق حيث الهجير والظهيرة واجتماع القوافل قبل تشتتهم إلى الامصار المختلفة, إذ وفقهم اله  تعالى للحضور في حجة الوداع مع خاتم الانبياء(صلى لله عليه وآله),

إن ما يميز هذا التبليغ أنه كان ختاماً للرسالة, إذ ختم الله بذلك نزول القرآن, وقبِل من المؤمنين دينهم, إذ قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ‏ لَكُمْ‏ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينا), فكان كمال الدين وتمام النعمة بولاية أمير المؤمنين عليه السلام, وهذا الظاهر من توجيه الخطاب كشف مقصود الله تعالى الذي قصد امتداد الرسالة الاسلامية من خلال المعصومين الذين خصهم الله تعالى بالعصمة, وأيدهم بحوله وقوته بعد أن اختبرهم وابتلاهم فوجد فيهم القدرة على حمل الرسالة فجعل أمر الاسلام بين يديهم(الله أعلم حيث يجعل رسالته), فليس بمقدور عامة الناس تحمل أعباء الرسالة وجمع شتات الامة؛ فكانت العدالة الالهية تقتضي وجود الامين على الرسالة ليستقر أمر الله على المنهج الذي اختاره الله تعالى ونهجه(صلى لله عليه وآله).

والاسلام كمنظومة متكاملة احتضنت الشرائع والأديان؛ لذلك ينبغي له مواكبة العصور بوصفه خاتم الاديان, ومن هنا فإن الولاية التي ختم الله بها الاسلام تمثل الدرع الحصين للحفاظ على المكتسبات الاسلامية, ومن لا ولاية له يُخشى عليه من الضياع والهلكة والتيه والضلال, فالولاية صمام الامان, ولا كمال للدين دون الولاية, والنعمة كل النعمة بولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي تجلى فيه الولاية وامتد في عقبه المبارك ليُختم الدين بولاية ولده الحجة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه) فيملئُ الارض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك