المقالات

تماس كهربائي..!

1399 2021-07-13

   سعد الزبيدي ||   عندما تتنافس أحزاب السلطة للحصول على الدرجات الوظيفية الخاصة مدير عام فما فوق نتيجة المحاصصة بحثا عن مصادر تمويلها من هذه الدائرة أو تلك ساعتها يتحول المسؤول لأداة للإثراء غير المشروع فهو لا يعمل لأجل مواطنيه ولا لأجل حكومته بل يعمل جاهدا من أجل حزبه الذي أوصله لهذا المنصب والذي سوف يدافع عنه باستماتة إذا ما وجهت إليه تهم بالفساد أو الاثراء على حساب المال العام. فجع العراقيون عشرات المرات بل مئات المرات في السنين المنصرمة بعد ٢٠٠٣ حيث عهد الحرية والديمقراطية فمن حرب مفخخات وعبوات وكواتم واغتيالات إلى حرب طائفية إلى إبادة جماعية وتهجير وأيام سوداء حصدت أرواح مئات الألوف من العراقيين الأبرياء ودمرت البنى التحتية وكلما حلت بنا مصيبة نسينا سابقتها ولو تجولت في مدينتك وركزت لتذكرت أن في كل شارع وحي وزقاق وسوق هناك كوارث تدلك على وحشية ما واجهه الشعب العراقي. كانت معظم كوارثنا أمنية وكانت الجهات الأمنية لا تتقن إلا بتضييق الخناق على المواطن بسيطرات لا تسمن ولا تغني من جوع بل تذل المواطن في ازدحامات خانقة تزيد من بؤسه وحرمانه. ورافق الموت الذي خطف أرواح العراقيين تراجعا في مستوى الخدمات المقدمة للمواطن نتيجة المحاصصة والفساد وسوء الإدارة وعدم وجود جدية في محاربة الفساد وتقديم الفاسدين للعدالة لأن المنظومة السياسية مشتركة جميعها في هذه الجريمة ولن تنجح الجهود مهما تكن جبارة لإصلاح المنظومة الإدارية مع وجود منظومة سياسية فاشلة وفاسدة. كان العراق كغيره من البلدان التي واجهت جائحة كرونا حيث عمدت الحكومة إلى أسهل الحلول بفرض حظر للتجوال جاء وبالا على رأس المواطن الفقير الذي يعتمد على قوته من عمله اليومي ولم تتخذ الحكومة إجراءات حقيقية لمساعدة ملايين العاطلين عن العمل أو الذين هم تحت مستوي خط الفقر. وبدل من تستكمل الحكومة المستشفيات التي تم الشروع في بناءها منذ أكثر من عقد من الزمن لجأت إلى بناء مستشفيات عزل من مادة السندويج بنل مع عدم الاهتمام بوسائل الأمان حيث  مستشعرات الحرائق أو تركيب منظومات مكافحة الحرائق المبكر مع وجود مادة الأوكسجين التي تعتبر العلاج الأول لحالات الاختناق ونقص الاوكسجين التي يعاني منها مريض كرونا والتي تساعد على الاحتراق مع إهمال واضح من قبل الفرق الفنية في هذه المستشفيات المستحدثة بموضوع مد خطوط الكهرباء بعناية فائقة حتى تمنع العبث بالتوصيلات الكهربائية وتمنع حدوث تماس كهربائي وعدم متابعة اللجان الرقابية والفنية بمتابعة عطب أغلب نقاط الكهرباء في الغرف وعدم الجدية من قبل شرطة حماية المنشآت في منع المرافقين بجلب مواد يتم استخدامها داخل غرف العزل كالطباخات والغلايات والمدافئ الكهربائية وشرارة مهما تكن بسيطة من هذه الأجهزة ستكون كافية لتحويل هذه المستشفيات إلى كومة رماد. وهكذا تكاتف الفساد والفشل الإداري وعدم تنفيذ القانون وجهل واستهتار البعض بالأنظمة والقوانين واللامبالاة في استشعار الخطر من استعمال ما سيكون أداة في تحويل قنينة الأوكسجين التي هي من المفروض أن تكون سببا في انقاذ حياة مريض إلى قنبلة ستصهر مستشفى بني لاستيعاب مرضي هذا الوباء الخطير ومن الكوارث التي لم نجد لها حلا تكرار حوادث الحريق في المعامل والأسواق والدوائر والمستشفيات والسبب نفسه تماس كهربائي. سؤالي الذي لم أجد له جوابا هل يعقل أن مدير مستشفى وهو أمين على مرضاه ومعاونيه لا يكلفون أنفسهم في جولات تفقدية لزيارة ردهات المستشفى ومحاسبة قوات حماية المستشفيات التي تسمح بادخال مواد كهربائية ممنوعة أو تفتيش الغرف بدقة والايعاز بمصادرة ومعاقبة كل من يخالف القانون وفي نفس الوقت تثقيف مرافقي المرضى إلى خطورة استعمال الأجهزة الكهربائية في غرف المستشفى مع وجود قنبلة موقوتة اسمها قنينة الأوكسجين ؟ ستلجأ الحكومة حتما لتشكيل لجان تحقيقية وستكون هذه اللجان كسابقاتها من اللجان التي لن تضع اصبعا علي الجرح ولن تكشف المستور عن الفساد ولا تعترف بسوء الإدارة وستلجأ الحكومة إلى استحدام المال واعتبار من مات شهيدا لتذر الرماد في العيون وتمر فواجعنا مرور الكرام. الرحمة والمغفرة والجنة لمن سقط في واقعة مستشفى الحسين في محافظة ذي قار والصبر والسلوان لذويهم والشفاء العاجل لجميع المصابين. نتمنى من الشعب العراقي أن يتمتع بنوع من الثقافة في كيفية استخدام المرافق العامة الحكومية منها عموما والمستشفيات خصوصا ولا تتحول من منقذ مرافق لمريض إلى سبب في قتل إبرياء بالاستخدام السيئ لبعض الاشياء الممنوعة وتقيد بالتعليمات فالشعوب التي نتمنى ان نكون مثلها وصلت إلى ماصلت إليه بتنفيذها التعليمات التي تعكس مدى ثقافة الفرد والمجتمع. كاتب ومحلل سياسي.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك