المقالات

هل سنعود للمقاطعة..ثانية!


 

محمد جواد الميالي ||

 

الذرائع الذي أوجدتها الولايات المتحدة، لتشن الحرب على العراق، وتضع أسساً للنظام الديمقراطي فيه، الذي كلفها مليارات الدولارات، كان بمباركة الشركات الكبرى، التي تقاسمت بترولهُ وخيراته أو هكذا تخطط، فلا تتوقع أن مجموعة من الأصوات أو الهتافات، تستطيع أن تسقطهُ.. فكل الشعارات ما هي إلا "وقع إبرة في سوق النحاسين".

بعد تأسيس النظام، لم تفقه الطبقة الحاكمة التي سيطرت على مقدرات الشعب، منذ عام ٢٠٠٣، سوى منطق (السلب والنهب) لكل أموال الدولة وممتلكاتها.. لم يتركوا للمواطن سوى الفقر والفاقة، كل ذلك أدى إلى غليان شعبي في الداخل العراقي، أنتج أحتجاجات عارمة أجتاحت مدن الوسط والجنوب الشيعي في تشرين 2019، وكانت تعبر عن الغضب والسخط الإجتماعي تجاه فساد الساسة، لكن بسبب غياب بوصلة القيادة عن هذه التظاهرات، أصبح من السهل أختراقها من أصحاب الأجندات، فتوغلوا فيها ليحرفوا مسارها من السلمية إلى الحرق والنهب والقتل حتى، وترهيب السلم المجتمعي، مما جعل التعاطف معهم يقل شيئا فشيئا..

وختام ذلك كان "القشة التي قسمت ظهر البعير" وتمثلت بالشعار الذي رفعوه بأنهم يريدون إسقاط النظام.. وهذا ما لا ترتضيه الدولة العميقة الكبرى، التي تدير الشأن العالمي، فعندها صار لابد من إنهاء تلك الإحتجاجات، لأنها وبدون أن تعلم قد حققت الهدف الذي تريده أحزاب السلاح وأيادي الغدر الخارجية، لذلك كان القضاء عليها، وقتل روح الثورة داخل الشباب المنتفض، قرار لا رجعة فيه، بإيقاف التمويل وإسكات محرضي الرأي العام..

الحقيقة أنه رغم ما شاب تشرين من عنف ومظاهر دامية لاسلمية، مفتعلة من قبل أيدي خارجية، إلا أنها حققت أهم ثلاث أهداف، لم يحققها البرلمان ولا صمت المواطن طيلة الفترة السابقة.. أولها تغيير قانون الإنتخابات، من سانت ليغو إلى الدوائر الانتخابية المتوسطة، مما سيساهم في القضاء على سطوة التلاعب بالنتائج، وثانياً الترشيح الفردي الذي لا يجبر المواطن على إنتخاب الأحزاب فقط، وأخيراً أنها ضمنت أن تكون الإنتخابات تحت إشراف أممي وبالآلاف، وهذا ما يضمن نسبة عالية من النزاهة لعملية الإقتراع، والأهم من ذلك أنها أجبرت البرلمان على إلغاء تصويت الخارج، الذي كان يصب في خانة أحزاب اللادولة.. وفصائلها المنفلته التي تتستر بغطاء قوى الأمن، رغم أن ولائها وأوامرها من خارج الحدود!

لم يعد أمام المواطن العراقي الآن، سوى طريقان في مشوار الإنتخابات.. أحدهما الأختيار بين خانة اللادولة، التي حكمت ثمانية عشر عام بسلاحها المنفلت، وأجندات أغتيالاتها التابعة لدول الجوار، التي عاثت فساداً في الكهرباء والصحة، وبين قوى الدولة التي حاولت على مدار الحكم الديمقراطي، أن تكون البوصلة الدبلوماسية، في تقريب وجهات النظر المختلفة، وأن تجعل العراق ساحة أستثمار بدل أن يكون حلبة صراع.. لكن الكثرة والسلاح، تغلب أحيانا الشجاعة والعقل..

الطريق الآخر لخروج وطننا من عش الدبابير، ومغادرة المشاكل ورؤس الصواريخ، التي لم تجلب سوى الدماء، هو عن طريق المشاركة الكبيرة في العرس الإنتخابي، والتصويت للأشخاص الذين لم تتلطخ أيديهم بالفساد والدمار، ومقاطعة قوى السلاح الطائش، الذين لا يعترفون سوى بالموجه الخارجي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك