المقالات

الطائفية..حقائق وخفايا


 

محمد جواد الميالي ||

 

العنصرية والطائفية غرائز متجذرة في النفس البشرية، ومتفرعة في دول العالم أجمع، لا تفرق بين شعوب متحررة كانت أو همجية، فالكل يخضع لقانونها الوحشي، وما حدث في الحرب الفرنسية الأهلية خير دليل على أنها وليدة الداخل الإنساني، وليست صناعة من الرأي العام الخارجي، وكل ما تحتاجه بعض المحفزات لتبدأ وتسري في شوارع الأمم.

لا يختلف أثنان على أن الطائفية بدأت تنمو في العراق، بصورة علنية بعد 2003 عند مشاركة الشيعة في الحكم والعمل السياسي، مما حرك العنصرية داخل نفوس قادة من حكموا البلاد لثمانين سنة في الداخل والخارج، لينقلوها بخطاباتهم إلى جماهيرهم العراقية، كل ذلك بسبب نظرة الأستعلاء  لديهم، لأن الدولة كانت لهم على مدار مدة طويلة بخرابها ودمارها؟! ولا يمكن أن يسمحوا بمشاركتها مع الشيعة!

ما حدث بعد سقوط الطاغية وخاصة  في سنة 2006 جعل أرضنا خصبة لإستقبال السيارات المفخخة والإرهاب، بتمويل الخارج وتنفيذ الداخل.. حتى أخذت مأخذها من مناطق الشيعة في الوسط والجنوب، فكان لبغداد الحصة الأكبر من القتلى، الأرامل واليتامى، وبما أن لكل فعل ردت فعل فكان للشيعة ردهم في بغداد فقط لحماية أنفسهم.. مما جعل الوضع يصل إلى وتير الإنفجار، و لولا تدخل مرجع المذهب الشيعي السيد السيستاني، بفتوى مفادها "أن السنة أنفسنا" التي كانت الحد الفاصل لوقف الإرهاب العراقي ضد الشيعة، لما بقي سلام و تعايش سلمي في العراق..

بما أن العنصرية إحدى غرائز النفس البشرية، لذلك لم تتوقف الطائفية عند هذا الحد، بل عادت أقوى وأشرس، وأكثر علانية من قبل، لتؤسس لنفسها ساحات في ثلاث محافظات عراقية، وتعلن ما يسمى (الدولة الإسلامية في العراق والشام) وكانت أهم شعاراتها هي القضاء على الشيعة وقتلهم، كذلك تهديم مراقد أئمتهم في الوسط والجنوب، والغريب أن المروجين لهذا التنظيم في وسائل التواصل يعتبرون (داعش) هم ثوار من أهل السنة العراقيين، حيث في إحدى منشورات عامر الكبيسي يقول "مع أول لحظة لسقوط بغداد ستنتهي خرافة الأغلبية الشيعية، وسيظهر السنة والكرد أنهم بحدود 60% سترون العجب، ووحدها داعش يمكنها ذلك"

كذلك أحمد البشير يقول في أحدى تغريداته "ثوار العشائر سيدخلون بغداد، ويسقطون حكم الشيعة لتعود القيادة لأهلها"..

كل هذه التغريدات تضاف لها تغريدة فائق الشيخ علي الأخيرة، التي يطالب بها أهل السنة بحمل السلاح وقتال الشيعة، وغرف برنامج "كلوب هاوس" التي تضج بعبارات الطائفية لمقاتلة الشيعة ليس لها إلا معنى واحد.. الطائفية.

كل هذه دلائل على أن التطرف والعنصرية موجودة في داخل كل المجتمعات، وما حدث في العراق من طائفية كان عبارة عن حقد تجاه التمثيل الشيعي في الحكم.. لكن الأهم من ذلك أنها توقفت بعد أن عرف كافة العراقيين، أننا(شيعة، سنة واكراد ) في وطن واحد إن غرق.. نغرق كلنا.

كل هذا أوجد حقائق أهمها أن من ساهم في تحرير الموصل وانقاذ العراق من الطائفية، هم الحشد الشيعي وفتوى المرجعية، كذلك الحقيقة الأهم، أن داعش لم تكن صناعة خارجية.. بل كانت حقيقة داخلية متجذرة، نتيجة نرجسية وعنصرية لأناس ملأ الحقد قلوبهم واسودت أنفسهم..

مع قرب بدء حملات المرشحين، وبعد هذا الكم الهائل من التفرقة ننتظر خفايا ما بعد الإنتخابات، هل ستكون هناك طائفية أخرى أم سنكتفي بحرب أهلية؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك