المقالات

كرامة وحرية الانسان في فكر السيد الخميني


 

حسن عبد الهادي العگيلي ||

 

عام 1834م غادر سيد أحمد النجف ليتجه إلى فارس ليستقر عام 1839 م في مدينة خمين. تزوج في خمين لاحقاً فأنجب ثلاثة بنات وثلاثة أبناء، وأحدهم كان السيد مصطفى أب الإمام الخميني. تزوج السيد مصطفي نحو 1882م مع هاجر آغاخانم بنت آقا ميرزا أحمد وهو من مدينة خوانسار. وكان أحد أولادهم السيد روح الله الخميني تنحدر أسرة الخميني من الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب  عليهم السلام  ولذلك يطلق عليهم لقب الموسويون، ويعرف بالخميني نسبة إلى بلدته مدينة خمين.

شهد روح الله الخميني في طفولته اغتيال والده نتيجة لدفاعه عن حقوقه وحقوق أهل منطقته ووقوفه في وجه الإقطاعيين وعملاء الحكومة آنذاك.

وفي الحقيقة كانت أسرة الخميني مألوفة بالهجرة والجهاد في سبيل الله منذ القدم.

يستعرض السيد الخميني بعض ذكرياته عن الحرب العالمية الأولى ـ وكان حينها يبلغ من العمر اثني عشر عاماً فيقول: "إنَّني أتذكر كلتا الحربين العالميتين. كنت صغيراً إلا أني كنت أذهب إلى المدرسة وقد رأيت الجنود الروس في المركز الذي كان في خمين. رأيتهم هناك وأتذكر كيف تعرضت بلادنا للاجتياح في الحرب العالمية الاولي ."

وفي موضع آخر يذكر السيد الخميني أسماء بعض الإقطاعيين الذين كانوا يمارسون النهب والاعتداء على أعراض الناس وأموالهم مدعومين من قبل الحكومة المركزية آنذاك: "كنت في الحرب منذ طفولتي ... فقد كنا نتعرض لهجمات الأشرار من أمثال "زلقي"، وكانت عندنا بندقية، أذكر أني كنت أقارب البلوغ آنذاك فكنت أذهب مع البقية لاتخاذ مواقعنا في الخنادق المعدّة للدفاع ضد هجوم الأشرار الذين كانوا يقصدون الإغارة علينا. نعم كنا نذهب هناك ونتفقد الخنادق ."

ويشير في موضعٍ آخر: "لقد كنا مضطرين إلى إعداد الخنادق في خمين ـ المنطقة التي كنا نعيش فيها ـ وكانت عندي بندقية، غير أني كنت لا أزال حينها يافعاً لم أناهز الثامنة عشرة بعد، وكنت أتدرب على البندقية وأحملها. نعم كنا نذهب للتحصّن في الخنادق ونواجه هؤلاء الأشرار الذين كانوا يغيرون علينا. لقد كان الوضع متسماً بالفوضى والهرج والمرج، ولم يكن لدى الحكومة المركزية القدرة علي السيطرة على الأوضاع وفجأة سيطروا على خمين فهبّ الناس لمواجهتهم وحملوا السلاح وكنت من بينهم.

ومن خلال قراءة  التدافع الاجتماعي في حركة الناس عموماً وتحديداَ حركة السيد الخميني يبقى مصطلح الحرية وما يعادلها في اللغات البشرية، هو من أهم المصطلحات التي تدور أفكار البشر حولها ويناقشونها تبييناَ وتفسيراَ.

جون لوك في تقديمه لتعريف الحرية يقول: "الحرية هي تحرير عن الضغط وعصبية الآخرين". "الحرية الطبيعية للإنسان عبارة عن التحرر من كل سلطة بشرية متفوقة على الأرض، وإمكانية عدم تمكين لقوانينها والاكتفاء بالقوانين الطبيعية فقط لإدارة الشؤون" .

كذلك المنظر لثورة الدستور في عام 1907 العلامة محمد حسين نائيني يعرف الحرية: "بالتحرر من كل ربقة الطواغيت". ويبين ثمرة هذا التحرر على النحو التالي: "تنبه الأمة بدون أي مانع، وإستبصارها بما يسعد ويشرف ويقدم الاستقلال للوطن ويحافظ على الدين".

 القائد الكبير للثورة الإسلامية الإيرانية السيد الخميني يعرف الحرية بالتالي:

"ليس للحرية من تعريف محدد، الناس أحرار في عقيدتهم ولا أحد يلزمهم بعقيدة معينة، لا يلزمنكم أحد كي تنتخبوا شيئا معينا". كذلك في تعريف آخر يقول: "الناس أحرار ولا ولن يقف أحد بوجه حريتهم. الحرية هي أول مرتبة لحقوق الناس".

من هذا المنطلق / التعريف يكون واضحاَ جداَ ان كرامة وحرية الانسان تمثل ماهيته وتحتل مكانة تأسيسية في فكر الامام الخميني وحركته الاصلاحية بوصف الكرامة الانسانية  مكون اساسي في بناء الشخصية الاسلامية الرسالية الفاعلة ومحرك قوي وفعال نحو اصلاح المجتمع وتطويره .

وقد اعتبر الامام الخميني ما قدمه من فكر حول كرامة الانسان يمثل رؤية اسلامية قرآنية صرفة، وهو مانادى به الانبياء وان تحقيق الحياة الكريمة للناس تمثل احد اهم اهداف الرسالات السماوية واعتبر كرامة الانسان منحة الهية ." عبد الوهاب حسين "

وهنا يعتقد الإمام الخميني بأنه لا يمكن هبة الحرية أو سلبها عن البشر، لأن الحرية هي حق طبيعي لهم. ففي أيام نضاله مع الشاه ألقى خطابا قال فيه: "شاه يقول: أريد أن أعطيكم الحرية، من أنت (الشاه) لكي تعطي الحرية؟ أأنت تريد أن تهب الحرية للشعب التي كفلها الدستور؟

اراد السيد الامام ان يُدخل فهم الانسان حريتهِ بكافةِ ابعادها كسلاحٍ قويٍ وعنيد في مواجهة اي قوى غاشمة تحاول تجريدهُ من كرامتهِ

فيقول قدس سره: "عندما تقرأون الصحف فإنكم كثيرا ما تشاهدون فيها أن هذا يسيء إلى ذاك وذاك يسيء إلى هذا، والآن بعد تحرر الأقلام، فهل صحيح أن يتحدث كل إنسان بما يشاء تجاه الآخرين؟ وان يتصرف كل واحد مع الآخر، بحيث تدب الفوضى في البلاد وتخرج من النظام؟

هذا هو معنى الحرية؟ هل أن الحرية في تلك البلدان التي تريد نهبنا هي على هذه الشاكلة؟ لو كانت هكذا لما حصل الانسجام ولما تطورت، إنهم يريدون من خلال كلمة الحرية التي يلقونها في عقول الشباب أن يفرضوا سلطتهم عليكم ويسلبوا حريتكم، إنهم يدركون ما يفعلون، يقولون: أنتم قمتم بثورة فأنتم الآن أحرار، أنت تتحدث بما تشاء عن ذاك، وذاك يتحدث عنك بما يشاء، وهذا يسخر قلمه ضدّك، وأنت تسخر قلمك ضد الآخرين، أنهم يدركون ما يفعلون ويريدون من خلال الحرية أن يسلبوا حريتكم، أن يوجدوا عندكم الحرية غير الصحيحة ويسلبوا منكم الحرية الحقيقية.

" منهجية الثورة الإسلامية، ص 371."

ولهذا فقد سعى الإمام قدس سره إلى تأسيس القاعدة والنموذج الذي يمكن للشعوب أن تحتذيه من خلال بناء الدولة الإسلامية في إيران، فيقول قدس سره: "إن أقصى ما أتمنّاه هو أن يتخلّص أبناء الشعب الإيراني من سيطرة الظلم، ويصبحوا أصحاب بلد حرّ ومستقل، يحكمه نظام إسلامي تُراعى فيه حقوق البشر كما أمر بها الإسلام، وأن يصبحوا أسوة لكلّ الشعوب في التقدم والرقي والسعادة الإنسانية.

"الكلمات القصار، ص ١"

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك