المقالات

الثورة الإسلامية في إيران عابرة للأطر الطائفية والقومية


 

د.محمد العبادي ||

 

وإليكم ملاحظاتي عنها:

لقد شاهدت ايران عن حس مباشر لثلاثة عقود من الزمن ،   ربما في بداية فصول حياتي داخل ايران تبنيت موقفا بناء على الإرتكاز  الذهني والعاطفي، وقد دفعني الانبهار أو العاطفة نحو الثورة الإسلامية وانا اشاهد الشارع يحتضن الحشود الايرانية الغفيرة وهي تردد هتافات الثورة بجد وحماس ، ربما هو الإنتماء العاطفي مع الإيرانيين عندما تلتحم مع صفوفهم المرصوصة وتنادي ضد أمريكا والصهيونية .

لا ..لا ..ليس هي العاطفة فقط ، بل هي الفطرة والعقل والعاطفة قد نسجت خيوطها وبرز مظهر ثوبها وتطبيقها على تلك الجماهير التي أتت طوعاً دون إكراه ، نعم يا إلهي  إنه هو ما تعلمناه وسمعناه سابقاً في مجالسنا الخاصة في مخاصمة الظالمين تتجلى في هتافات هؤلاء الناس ، وان أفئدتنا أخذت تهوى إليهم بلا إستدعاء .

ربما شعرت بالحاجة إلى تعلم ثقافة الثورة الإسلامية بعد أن رأيت نفسي أنتمي إليها عاطفياً ، وتطبيقها هي الأقرب إلى نفسي مع حفظ الإحترام للآخرين وخياراتهم .

لازلت أتذكر أننا في بداية دخولنا إلى إيران ندافع عنها بقوة وحرارة في مقابل اصدقائنا الذين يمارسون حقهم في النقد مع أنها لم تمنحنا الإقامة الرسمية ، وأهملتنا ( حين من الدهر) !!! ، لقد تخلينا في لحظة الحقيقة عن مصالحنا الشخصية والحاجة الملحة في أثناء الأخذ والرد مع أحبائنا واصدقائنا .

بعد ذلك الانتماء العاطفي لمبادىء الثورة الإسلامية، قرأت عن ثقافتها ومفاهيمها ودججت نفسي بالحجج وعززت ذلك بكثير من الملاحظات الحسية وشيئاً فشيئاً بدأت الصورة تكتمل وتنضج وعرفت أننا لانعيش في دولة المعصوم الفاضلة ، بل بتجربة الدولة التي تنشد الإسلام وتسير في طريق الفضيلة والصلاح ، وهي معرضة للأخطاء والنكسات، وأيضاً معرضة للنجاح ونيل المكتسبات وما أكثرها في طريقها الطويل .   

لقد شاهدت ايران حين تفرح بمناسباتها الإسلامية والوطنية ، وشاهدتها حين تحزن في مناسباتها الدينية والاجتماعية ، وشاهدت تفصيلات وجزئيات كثيرة إيجابية وسلبية .

لا أدعي العصمة للشعب الإيراني ، لكنه أقرب في كثير من تقاليده إلى شعوبنا ، وهو كباقي الشعوب الإسلامية والشرقية تغلب عليهم العاطفة والرجوع للتاريخ و التزود منه إلى الحال والإستقبال .

ليس من الصحيح أن تقوم الثورة الإسلامية بفرض مبادئها على الجميع ( لا إكراه في الدين ) ، لكن من الضروري أن يصل بلاغها الإسلامي إلى الجميع ، فمن قَبِل به فهو منها ، ومن رفضه فهو إلى شأنه ، بعبارة أخرى ان الثورة الإسلامية ملزمة بإيصال التكليف ( ما على الرسول إلا البلاغ ) ، وليس عليها تحميل التكليف ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا  مؤمنين)، وبناء عليه نشأت أجيال تؤمن بالثورة الإسلامية وخطها الاصيل ، ونشأت أجيال مستعدة للذود  عنها والتضحية من أجلها ، وفي مقابل ذلك نشأت في جو الحرية جماعات أو أفراد  لا يؤمنون بها .

لقد رأيت مبادىء الثورة الإسلامية مغروسة في  الأجيال الحاضرة حيث شاهدت الأجيال التي جاءت بعد وفاة الإمام الخميني الراحل وهي تعشقه وذائبة فيه .

 وشاهدت مبادىء الثورة الإسلامية شاخصة عند العاملين بجد في تطبيق الاستقلال الوطني في السياسة والأمن والدفاع والثقافة والتنمية .

 ورأيت الثورة الإسلامية العابرة للمذاهب والقوميات تجتاز الحواجز المذهبية والقومية في نصرتها للشعب الفلسطيني ، وفي نصرة الشعوب المكبلة بالقيود  الغربية والاستعمارية .

أحياناً يُخطيء بعض الأصدقاء في تقييم الثورة الاسلامية،وتسرح بهم الظنون عند تلقي الأنباء غير المؤكدة أو المواقف الفردية إلى الاستغاثة بالنزعة القومية أو الخصوصية الدينية والمذهبية .

وأحياناً يتحدث بعض الأصدقاء بصوت مختلف ويؤسس موقفاً بناء على مفردة ، أو على جزئيات ، أو موقف سلبي لأحد المسؤولين المحسوبين على الثورة الإسلامية، وأظن أن هذا الاسلوب منقوص في تقييمه للثورة الإسلامية  ، والأسلوب الصحيح هو بركوب منهج  الملاحظة الشاملة لكل المواقف وتحليلها ، ومن ثم يبنى على الشيء مقتضاه .

لقد شاهدنا الثورة العابرة للخصوصيات والفرعيات ، وهي تحمل الشهيد المهندس والقائد سليماني وتطوف بهم في مدنها وأمصارها ، وشاهدت الثورة وهي تضع صورة كبيرة  للشهيد أبو مهدي المهندس إلى جانب الشهيد سليماني وفخري زاده على الطريق الواصل بين طهران وقم ، لقد شاهدت الثورة الإسلامية في عبورها للألوان القومية والمناطقية والمذهبية عندما وضعت اسم ( القدس ) في ميادينها وفي شوارع مدنها ، وشاهدت مبادئها المتعالية وهي تعمل بأفكار الشهيد الصدر في بنوكها ، وفي لمحاته الفقهية، وشاهدتها وهي  تضع اسم الشهيد الصدر في شارع عاصمتها ، بل على الصالات والمؤسسات وتقيم المؤتمرات والمهرجانات والندوات والرسائل والأطروحات الجامعية تمجيداً لفكره المحمدي الأصيل ، وشاهدت مبادىء الثورة الأصيلة في وضع اسم ( خالد الاسلامبولي) المصري على أحد شوارعها تماماٌ مثلما تفعل وتضع أسماء شهدائها على شوارعها .

نعم إنها الثورة الإسلامية الكبيرة والتي تسير على صراط التنمية والحرية والاستقلال والتقدم ، ولنا فيها أسوة في الأخذ بمنهجها وقسطاسها المستقيم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك