المقالات

محنة الظل..!

1086 2021-05-07

 

د. نعمه العبادي ||

 

نخرج إلي الحياة و (أنا) طافحة الظهور، كاملة البيان، تعبر عن أعماقنا وظواهرنا بأصدق تعبير، فهي تساوينا حقيقة، ثم ما أن نتحرك في دروب الحياة خطوات بسيطة حتى تبدأ (مقاص الواقع ومحددات الظروف) تقضم من (أنا) ثلمات، وتضيف لنا مما لا ينتمي لنا (حقيقة) أجزاءً بديلة، إذ تعيد تشكيلنا بحسبها في كل مرة بصورة جديدة.

ومع تعقيد توازنات الحياة، وإرتفاع سقف إشتراطاتها، وتشابك معادلات المصالح، وتداخل الضروري مع غيره، نتبرع (طوعاً) في دفع ال (أنا) الحقيقة لنا إلى الخلف، حيث مناطق الظل الذي نخبأها فيها، ونظهر بدائل (لا تعبر عنا)، لكن متطلبات الواقع تفرضها علينا هذه المعادلة الظالمة.

ومع استدامة مسيرة الحياة، يأخذ الأمر فينا أحدى ثلاثة صور، فإما ان نكون من السعداء، حيث خيارتنا في (الحب والعيش والشراكة والمصير) متوافقة تماماً مع (ذاتنا الحقيقية)، فينمو ويكبر كل شيء فينا بطريقة متوازنة، وتنعم أرواحنا بحالة إستقرار وطمأنينة، ويتزايد إبداعنا مع كل جرعة حب، ونجد أرواحنا متصالحة مع الكون كله، وإما ان تكون الخيارات متذبذة (وهي حالة الأغلب)، فمرة تأتي متوافقة ومتسقة مع (أنانا)، وأخرى تشط بنا الى عالم لا ننتمي إليه، ونضطر قهراً ان نتوافق معه أو أن موازنة المصالح والمفاسد تقتضي التعايش معه، وغالباً ما تكون حالة اللاتوافق هي السائدة، وأما صورة المحنة، فتلك التي تأخذنا لها دروب التيه ومحطات الضياع والخيارات الخاطئة أو المفروضة، حيث (نسلخ) من ذاتنا بسوط القهر، ونصبح وجودات (لا نشبه أنفسنا)، ويتكسر وجودنا في زوايا العمق، حيث يركلها الواقع الظالم بقسوة ليمنع ظهورها الى الوجود، ويغيب (كلنا الحقيقي) في غياهب الظل، ليتسلل في فلتات الاحلام المذبوحة، وسطور الأمنيات الضائعة، وربما في بعض الفسح التي تسمح لنا بأن نكون (نحن) كما نحب في ثنايا بوح يتيم، وقد تبلغ الشجاعة فينا حداً، فنثور على اسيجة الظل ودهاليز التغييب، ونعلن الثورة من أجل وجودنا، لنستنقذ ما بقي منا، على ان تدارك كل ما فات لن يكون متاحاً.

مسميات مختلفة (التعايش، التوافق، الواقعية، التورية، المجاملة، المسايرة،...) كلها تعبر عن صور معينة لدفع الذات إلى الخلف (بغض النظر عن مشروعية الأسباب من عدمها)، فهي صور تريد أن نكون (غيرنا) بدرجات متفاوتة، وهكذا تستمر الحياة في إعلاء أسيجة القهر، وتكثيف مناطق الظل.

صوت من الاعماق يركض خلف ألعاب الأطفال، والملابس ذات الألوان الزاهية، ودندنة الوجد، وقصص العشق، وأماكن وأزمنة تشبهننا، يلتقط أنفاسنا من رحلة غيب بلا عنوان، ويعيد وجودنا إلينا ولو في (نفخة ناي مقطوع الرأس).

قد يوحي النص ان هذا الحديث يتصل ب (الوجداني) فقط إلا ان مقصدنا فيه يشمل كل مظاهر حياتنا الوجدانية والعملية والاجتماعية والسياسية على حد سواء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك