المقالات

منا وبينا..!


 

علي علي

 

   في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين كان العراق يئن تحت سياط الظلم والقمع والبطش، على يد طغمة من الحزب الفاشي البعثي الدموي، تلاحق الأحزاب والأشخاص المعارضين لحكمها، وتحاربهم في سبل عيشهم فضلا عن زجهم في زنازين نادرا ما يخرجون منها سالمين، وإن خرجوا ينتهي بهم المطاف الى تصفيتهم جسديا إن لم ينفذوا بجلدهم هاربين خارج حدود البلاد. وبطبيعة الحال حين تتسلط طغمة مثل هذه على رقاب شعب سنوات طويلة، لابد أن تستشري في مفاصل البلد إبان حكمها كثير من السلبيات.

  في القرن الواحد وعشرين، دال الأمر الى حكومات منتخبة يتفاخر كثير منا بالقول أنها؛ (منا وبينا)، وما تفاخرهم هذا إلا حق من حقوقهم، إلا أنهم في حقيقة الأمر نالوا حقا وغابت عنهم حقوق جمة، بعد أن غيبها هؤلاء الـ (منا وبينا) عمدا او سهوا او جهلا او غباءً او رعونة او تواطؤا او خيانة او عمالة، عن ملايين المواطنين، وهم غير معذورين في تعمدهم وسهوهم وجهلهم وغبائهم ورعونتهم وتواطئهم وخيانتهم وعمالتهم على حد سواء.

  فإن كان عمدا فهو يدل على النهج الموضوع والخطط المرسومة في برامجهم المبطنة التي أتوا بها، ويثبتون بتعمدهم أنهم مجندون ومسخرون وفق أجندات خارجية او داخلية او الاثنتين معا، كانتا قد طبختا مسبقا وماعليهم إلا إتمام تنفيذهما، فتصح عليهم حينها عبارة (العبد المأمور).

وإن كان سهوا فهو دليل عدم حرصهم وجديتهم فيما موكل اليهم من مهام، وما منوط بهم من واجبات، فيصح في وصفهم مثلنا؛ (نايم ورجليه بالشمس)

وإن كان جهلا فهو دليل على عدم أهليتهم لقيادة مؤسسات البلاد والتحكم بمصائر العباد، فيصح عليهم في هذه الحال مثلنا القائل؛ (انطي الخبز لخبازته).

وإن كان تغييب حقوق العباد غباءً، فإن خير وصف لمضيعيه بيت المتنبي؛

ووضع الندى في موضع السيف بالعلى

            مضر كوضع السيف في موضع الندى

أما لو تسببت رعونة الراعي في ضياع حقوق الرعية، فينطبق عليه إذاك بيت ابن زريق البغدادي الذي يقول فيه:

أعطيتُ مُلكا لم أحسن سياسته

وكذاك من لايسوس الملك يُخلعه

وفي حال كون التواطؤ هو سبب ضياع حقوق الشعب، فإن أقل ما يمكن قوله بحق مضيعيه بيتا الشعر:

وإخوان حسبتهم دروعا

            فكانوها ولكن للأعادي

وخلتهم سهاما صائبات

            فكانوها ولكن في فؤادي

أما الخيانة فإنها الداء العضال الذي لاشفاء منه إلا بالاستئصال، وما للخائن في حالتي تضييع الحقوق او صيانتها إلا ماقاله عبيد بن الأبرص:

إذا أنت حمّلت الخؤون أمانة

                فإنك قد أسندتها شر مسند

  بقي لنا من الموبقات المتلفة لحقوق المواطن العمالة، ولاأظنها تبعد عن أغلب ساسة حاضرنا العراقي أكثر من شبر او شبرين في أحسن الأحوال، وقد نادى بإطاحة العملاء دعاة خير كثيرون ولكن دون جدوى تذكر. وبين هذا المتلف وذاك المضيع، ضاع على العراقيين الخيط والعصفور على يد من قلنا عنهم؛ (منا وبينا)..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك