المقالات

المقاصدُ الضائعة.. في الأغلاطِ الشائعة(33)

1527 2021-04-17

 

إعـداد : محمد الجاسم ||

 

" تَعَلَّموا العربيَّةَ.. وعَلِّمُوها النـاسَ" ـ حديثٌ شريف

تزخرُ لغتُنا العربيةُ المعاصرة بكمٍّ هائلٍ من كلماتٍ دخيلةٍ أو مغلوطةٍ أو محـرَّفةٍ . وبمرورِ الزمنِ والتداولِ اليوميِّ على الألسنِ وفي الكتب الرسمية والمخاطبات العامة ووسائل الإعلام والصِّحافة والرسائل الجامعية ومنجزات المبدعين الأدبية ويافطات أسماء الدوائر والمحالّ التجارية وعيادات الأطباء وغيرها، قد تسللت إلى لغتنا خلسة، حتى أصبحت من فرط تناقلها واستخدامها شائعةً ومقبولةً لدى القارئ والسامع ، ورسخت في الأذهان وانطلت على المتداولين إلا لذوي التخصص، فأمست المقاصدُ ضائعة ، في خضمِّ الأغلاطِ الشائعة.

لذلك أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبة شهر رمضان المبارك من العام 1442ـ ثلاثين حلقة جديدة من سلسلة تصويباتٍ منتخبة، امتداداً لحلقات رمضان العام 1441، واستكمالاً لعمودي اللغوي الذي واظبت على تحريره زمناً في صحيفة (المصور العربي) التي أصدرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد أواسطَ ونهايةَ التسعينات من القرن العشرين تحت عنوان (إضاءةٌ في التراث).

(33)

ـ كيف الحال؟.. أم.. كيف الحالة؟

الحالة: تكرر استخدامها، ومؤخراً ترد كثيراً في الموقف الوبائي لتسجيل عدد الإصابات و الشفاءات و الوَفَيات، فيقولون ـ حشواً زائداً لا نفعَ فيه ـ حالات الإصابة، حالات الشفاء، حالات الوفاة ،علماً أن عبارات(عدد الإصابات)،(عدد الشفاءات)، (عدد الوفيات) تؤدي المعنى كاملاً. وذهب بعض اللغويين الى أن (الحالة) هي (الحال)،وأتساءل أنا ،إذا كانت كذلك فلماذا تأتي (الحالة) بتاء مربوطة لتأنيث لفظ (الحال) الذي هو أصلاً مؤنث.. كقول الشاعر ابن الرومي:

" لَعمري لقد حالتْ بيَ الحالُ بعدهُ ... فيا ليتَ شِعري كيفَ حالتْ به بعدِي " !؟

غير أن (الحالة) في معجمات العربية تدل على الواحدة لا على العموم، فقد قال الجوهري: "الحَالَةُ وَاحِدَةُ حَالِ الإِنسان وأَحْوَالِه ".

أما في الإعراب، فيقال حالٌ منصوبةٌ، ولم يُقَلْ منصوبٌ. إن ورود (الحال) مذكراً ورد أيضاً في بعض المشاهد اللغوية والشواهد الشعرية، كما جاء في قول الشاعر بهاء الدين زهير:

" وحقكمُ ما غيرَ البعدُ عهدَكُمْ ... وإنْ حالَ حالٌ أوْ تغيرَ شانُ "

لكن الشواهد الشعرية التي وردت فيها (الحالُ) مونثةً، كثيرة جداً، مثل قول أبي الطيب المتنبي:

" عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ... بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ "

قد نقبل استخدام (الحالة) بوصفها تنبئ عن وصف وقتيّ، لكن (الحال) بالتأكيد تنبئ عن وصف دائم. لذا نسأل نحن عن حال المريض المتغيرة آنياً، (كيف حالته)، و يسوغ أيضاً السؤال (كيف حاله)،لكننا نسأل عن الوضع العام للبلاد مثلاً في ظل جائحة، فنقول ( كيف حال الناس في ظل الجائحة). أما ما دلّ على وصف الشّيء والتعبير عن مكنون بأمر ظاهر، فيقال له (لسان الحال)، وليس لسان الحالة.

وعوداً على تساؤلي أنا ، إذا كانت الحال هي الحالة، أو أنهما من جذر لغوي واحد، فلماذا تأتي (الحالة) بتاء مربوطة لتأنيث لفظ (الحال) الذي هو أصلاً مؤنث ..لذا أميل الى أن أقطع بأن الحالَ مونثةٌ ليس إلّا.

 

ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك