المقالات

في ذِكرىٰ ولادتِهِ (عجّ) وُلِدتْ فتوىٰ نائبِهِ؛ فَحَفِظَتِ الدِّينَ وأهلَهُ والعراقَ وشعبَهُ

1766 2021-03-29

 

أ.د علي الدلفي ||

  

مُنْذُ عامِ (٢٠٠٣م) والمرجعيّةُ الدِّينيّةُ العُليا بشخصِ سماحةِ المرجعِ الدِّينيّ الأعلىٰ آيةِ اللهِ العُظمىٰ السّيّدِ السّيستانيّ (دامَ ظلّه الوارف) هي نقطةُ ارتكازِ العراقِ وجوهرُهُ النّاصعُ. وهي المحورُ الرّئيسُ بينَ العراقيّينَ والعمليّةِ السّياسيّةِ عِبْرَ خطابها الاجتماعيّ والسّياسيّ الأسبوعيّ ضمنَ (خُطبِ الجُمعةِ المُباركةِ)؛ وَمِنْ خلالِ (نصوصها البيانيّة المُتعدّدة). وَقَدْ اجتمعتْ حولَها كلُّ الطّوائفِ القوميّةِ والمذاهبِ الدِّينيّةِ؛ واستطاعتْ حلحلةَ أكبرِ قضايا الشّعبِ العراقيّ؛ واتّباعها يُمثّلُ أفضلَ الطُرُقِ للخروجِ مِنَ الأزماتِ. وَقَدْ ركّزتْ في أغلبِ خطبها علىٰ الفكرِ الإداريّ في الإسلامِ وعلىٰ النّظمِ والنّظامِ، فأكبرُ مصداقٍ للنّظمِ هو تنظيمُ شؤونِ الدّولةِ وأُمورِ المجتمعِ، وَقَدْ جاءَ الإسلامُ بهذهِ الفكرةِ يومَ كانتِ الفوضىٰ هي الحالةُ السّائدةُ في البلادِ العربيّةِ، وتقدّمَ المسلمونَ؛ لأنّهم كانوا أكثرَ تنظيمًا مِنْ غيرهم.. انتصروا في الحرب لأنَّهم أوجدوا نظامًا للقتالِ... وانهالتْ عليهم الثّرواتُ لأنّهم وضعوا نظامًا للاقتصادِ يقومُ علىٰ تحريكِ المواردِ المجمّدةِ التي كانتْ بيدِ الأغنياءِ؛ واستطاعوا أنْ يوجدوا دولتهم لأنّهم أقاموها علىٰ أساسٍ مِن التّنظيمِ؛ ونشروا العلمَ لأنّهم وضعوا نظامًا للتعليم.. وهكذا سادتِ الادارةُ المنضبطةُ سائرَ أرجاءِ البلادِ الإسلاميّةِ بفضلِ الحثِّ المتواصلِ علىٰ التّنظيمِ والنّظامِ. وعلىٰ هذا النّسقِ أعارَ أميرُ المؤمنينَ عليّ (عليه السّلام) اهتمامًا كبيرًا لنظمِ الأُمورِ وتنظيمِ الشؤونِ حتّىٰ أنّه لم ينسَ أنْ يوصيَ أولادهُ وأصحابهُ وجميعَ المسلمينَ في آخرِ كلمةٍ له قبلَ أنْ يرحلَ إلىٰ الرّفيقِ الأعلىٰ بنظمِ أمرهم؛ فَقَدْ جاءتْ وصيتهُ في النّظمِ بعدَ وصيّتهِ بالتّقوىٰ لتأخذَ مكانَ الصّدارةِ في هذهِ الوثيقةِ الهامّةِ؛ قائلًا: (أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومَن بلغْهُ كتابي بتقوىٰ الله، ونظم أمركم).

ولهذا أقولُ: إنَّ سماحةَ المرجعَ الأعلىٰ السّيّد السّيستانيّ قَدْ ركّز علىٰ هذا المبدأ؛ لأنَّ العراقَ كانَ بأمسّ الحاجةِ لأنْ ينظّمَ أمرَهُ العراقيّونَ ولهذا أكّدَ علىٰ عبارةِ (نَظّمُوا صُفُوفَكُم) وهو يخاطبُ العراقيّينَ جميعًا. وَمِنْ مصاديقِ هذا التّنظيمِ هو وِلادةُ (الح.ش.د ال.ش.ع.ب.يّ)؛ إذْ لَمْ يَكُنْ الح.ش.دُ نتاجَ فتوًىٰ عارضةٍ وطارئةٍ؛ بلْ هو إجراءٌ تطبيقيّ وحقيقيّ لخطاباتٍ ونصوصٍ متراكمةٍ وعديدةٍ أشرنا إليها في أعلاهِ؛ وَقَدْ قسّمتِ المرجعيّةُ الح.ش.دَ علىٰ نوعينِ اثنينِ:

النّـوع الأوّل: ح.ش.دٌ ساكنٌ؛ وهادئٌ.

النّوع الثّاني: ح.ش.دٌ هادرٌ؛ ومُدَوٍّ؛ وصَاخِبٌ كَالرَّعْدِ.

والذي يقرأُ المُقتبسَ الأوّلَ الآتي مِنْ خُطبةِ الجُمعةِ الثانيةِ المؤرّخة بتاريخ (٢١/ صفر/ ١٤٢٦هـ) والموافق (١/نيسان/ ٢٠٠٥م) سيدركُ رؤيةَ المرجعيّةِ العُليا الاستراتيجيّة وأصلَ فكرةِ صناعةِ (الح.ش.د ال.ش.ع.ب.يّ) السّاكنِ الهادئِ. وردَ في المُقتبسِ مَا يأتي:

(حقيقة هذا الح.ش.د الجماهيريّ أعطى رسالة مضمون هذه الرّسالة في هذه الزيارة بالتحديد "والحديث عن زيارة الأربعين" أنَّ العراقيّين قادرون على تنظيم أمورهم بشكل هادئ وهم الأقوى والأقدر والأفضل على معرفتهم بأمور بلدهم وهذه الرسالة يجب أنْ يضعها في حسابه من يفكّر بطريقةٍ خاطئةٍ؛ الأعمار المتفاوتة خرجت وهي تحمل همومها وينحصر هذا الهمّ بين قوسين وهو أمر واحد هموم العراقيّين هو الحسين "عليه السّلام" دون غيره فالحسين هو رائد الحرية وهو الذي رفض الدكتاتوريّة وهو الذي رفض الظّلم وهو الذي أشاع السّلام في العالم وهو الذي علّم المسلمين وغير المسلمين علىٰ أنَّ الإنسان إذا أراد أنْ يعيش حرًّا فإنّه يستطيع ذلك بشرط أنْ يكون كما قال الإمام الحسين "عليه السّلام" إنّه يرفض الذلّ ويرفض العارّ ومهما تكن نتائجه فإنّ الحقّ لا بدّ أنْ يعلو ولا يُعلى عليه... إنّ العراقيّينَ يملكون زمام أمورهم بأنفسهم شريطة أنْ يتاح وسيتاح المجال لهم إنْ شاء الله تعالى حتّى يعلّموا العالم كيف نعيش أحرارًا في بلدنا العزيز).

والذي يقرأُ المُقتبسَ الثّاني الآتي مِنْ خُطبةِ الجُمعةِ الثانيةِ نفسها المُشار إليها في المُقتبسِ الأوّلِ في أعلاهِ سيدركُ؛ أيضًا؛ أصلَ رؤيةِ المرجعيّةِ العُليا في صناعةِ (الح.ش.د ال.ش.ع.ب.يّ) الهادرِ؛ والمدوّي؛ والصَّاخِبِ كَالرَّعْدِ.

وردَ في المُقتبسِ مَا يأتي:

(هذا التجمّع هو قيمة وحقيقة وهوية الشّعب العراقيّ فالكفرة والذين علىٰ شاكلة المقبور صدام سواء كانوا في داخل البلد أو خارجه يجب أنْ يعرفوا أنَّ هذه الجماهير الآن هي مسالمة لأنَّ الحسين "عليه السّلام" أرادها الآن أنْ تكون مسالمةً؛ وإذا شاء الله أو شاءت أنْ تكون هادرة كما كان الحسين "عليه السّلام" في ظرفه؛ أو الظرفُ يكون مناسبًا أنْ تكون هذه "الحشود هادرة" فإنّها ستكون هادرة كما كان الحسين "عليه السّلام"؛ نحن تفاءلنا مُنْذُ زمن ولا زلنا نتفاءل وقلنا لو لم يكن عندنا الإمام الحسين "عليه السّلام" لكان من الممكن أنْ لا نراهن على الشّعب العراقيّ. وحقيقة؛ الآن؛ نقول ما دام الإمام الحسين "عليه السّلام" فينا وما دام "عليه السّلام" عندنا وما كان للحسين "عليه السّلام" مكان في قلوبنا؛ فإنّنا لا بدّ في ختام المطاف يجب أنْ ننتصر ولا بدّ أن نتفاءل ولا بدّ أنْ نتعامل مع الأمور بواقعيّةٍ وقوّةٍ وإنْ شاء الله تعالىٰ لا يكون إلّا ما نريد بفضلٍ من اللهِ ورحمةٍ منه).

وَقَدْ ثبتتْ؛ بالقولفعليّةِ؛ حكمةُ المرجعيّةِ وبصيرتها مُنْذُ تبنّيها لأوضاعِ العراقِ الدّاخليّةِ والخارجيّةِ مِنْ بدايةِ الاحتلالِ وسقوطِ الطّاغيةِ (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).

أخيرًا أقولُ إنّ سماحةَ السّيّدِ السّيستانيّ استطاعَ في أكثرِ الظّروفِ اشتدادًا وتعقيدًا في التّاريخِ العراقيّ المُعاصرِ أنْ يحلَّ أكبرَ مشكلاتِ العراقِ؛ ومنها تمّتْ حلحلةُ مشكلةِ (د.ا.ع.ش) بحكمتهِ وبصيرتهِ وصبرهِ؛ وأنقذَ بهذا العراقَ وشعبهُ مِنْ خطرٍ كبيرٍ وخَطْبٍ شديدٍ مِنْ صناعةِ القوىٰ الكُبرىٰ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك