المقالات

أين ضاعت ثرواتنا؟!


 

علي علي aliali6212g@gmail.com ||

 

  في تاريخ مجتمعنا وبين صفحاته كنوز وأرصدة كثيرة من القصص والأمثال بلهجتيها الشعبية والفصحى، تعبر بصدق عن قضية سلبية أو حالة مستهجنة تتكرر بين ظهرانينا كل حين وآن وآنية، ولو أردت سردها في سلسلة مقالات لتطلب الأمر مني ألف عدد وعدد من مطبوعنا الذي بين يدي القارئ، والفخر في هذا لايعود لي، بل لمن يدفعوننا على استذكار تلك الحكايات والأمثال بما يصدر عنهم من سلبيات وموبقات مرفوضة شرعا وقانونا وعرفا وأخلاقا.

  وقطعا أمثال هؤلاء الأشخاص لايتورعون عن الإتيان بكل دفين وخفي من التصرفات القبيحة، من دون وازع من ضمير او رادع من رقيب، وهم يتأبطون بها شرورا للناس تعود عليهم بمنافع خاصة، يتراوح ريعها ويتنوع مردودها بين فرد وجماعة وحزب وكتلة وعشيرة، وتتمدد المنافع أحيانا لتصل جهات ودولا خلف حدود عراقنا بمسافات، تبعد وتقرب حسبما يتطلبه المكسب والفائدة.

 يحكى أن معلمة درس الفنية طلبت من تلاميذها رسم مايخطر ببالهم، فأمسك كل منهم قلمه وراح ينفذ مامطلوب منه على ورقة، وكان عبد الله أحدهم، بعد دقائق بدأوا يسلمون أوراقهم الى المعلمة واحدا تلو واحد، ولم يبق إلا عبد الله، حتى دق الجرس، فجاءته المعلمة وسألته: هاعبد الله شرسمت؟ فقال: ست رسمت بقرة وحشيش. فقالت له: عفيه بالسبع، انطيني الورقة. فأعطاها إياها، لكنها لم تر فيها شيئا مما قال، إذ كانت الورقة بيضاء تماما. فقالت له: وين الحشيش وين البقرة؟ أجابها بثقة واقتدار عاليين: الحشيش أكلته البقرة. فأردفت المعلمة مستفسرة: والبقرة! فقال لها: شبعت وراحت.

 هكذا بكل بساطة ضاعت ثروات بلدنا على أيدي الآلاف بل مئات الآلاف من أمثال تلميذنا عبد الله، مع فارق تحصنهم بمنصب سياسي، او تحكمهم بسلطة حكومية، او تمتعهم بنفوذ حزبي، او تسنمهم موقعا برلمانيا، او تسترهم بمنزلة دينية، او تصدرهم وجاهة اجتماعية، وهم في الأحوال كلها سراق، يمتلكون من أساليب الخديعة والحيلة أضعاف ما يمتلكه عبد الله المسكين.

  ويحكى أيضا أن صبيا مشاكسا خبيثا بطبعه، رزقت خالته ولدا إلا أنه صموخ -أي دون أذنين- قالت له أمه: روح سلم على خالتك وباركلها، بس دير بالك تجيب طاري انه ابنها من غير أذان حتى لاتجرح مشاعرها. فذهب الخبيث الى خالته وبارك لها مولودها الجديد، ودعا له بالصحة والسلامة والعمر المديد وقال: بس لازم تشربوه عصير جزر هوايه حتى لايضعف بصره. ردت عليه خالته: حتى لو ضعف بصره ألبسه مناظر. قال لها: مو هي هنا المشكلة بيش يعلكها؟.

  خبيثنا هذا يدرك تمام الإدراك ما تؤول اليه خواتم الاسئلة، ويستحضر جوابها بما ينيله غايته، فهو لايرمي حجرا في الظلام، وإن رماه فهو على دراية تامة بمكان وقوعه. وهذا ديدن سراقنا اليوم في عراق الديمقراطية والأصابع البنفسجية، إذ أن سراق الحاضر غير سراق الماضي، فبالأمس كانوا يخافون النور ويتخذون الظلام سترا لسرقاتهم، كما أنهم كانوا يخشون الرقيب وينأون عن الحسيب، على العكس من فناني سرقات حاضرنا، فهم يمارسون صفقات النهب وعقود السحت جهارا نهارا، على مرأى الرقيب وعلم الحسيب، لضمانهم عدم المساءلة بعد أن ضاعت العدالة، وكما قيل: من أمن العقاب ساء الأدب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك