المقالات

اسهل الطرق الى الاستبداد..!


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

يمتاز العراقيون عن غيرهم من الشعوب، بانهم اكثر خبرة بكيفية صناعة الاستبداد والدكتاتورية، ذلك لانهم عايشوا بشكل يومي مسهب بناء الدكتاتورية البعثية وصعود صدام حسين بشكل تفصيلي ولمدة ٣٥ عاما،  ولهذا لم تعد تنطلي عليهم اساليب اعادة بناء الاستبداد.

استولى البعثيون على الحكم في ١٧-٣٠ تموز عام ١٩٦٨ وهم حزب صغير ربما لا يتجاوز عدد اعضائه المئتين، حسب الروايات، لكنهم تمكنوا من الاستحواذ على الدولة والسلطة تدريجيا حتى وصلوا الى مرحلة "عبادة الشخصية" باعلان صدام حسن "القائد الضرورة"، وهو مصطلح سياسي حزبي يناظر مصطلح "واجب الوجود" الفلسفي الذي يستخدم للحديث عن الله سبحانه وتعالى. وهذا يعني انهم وضعوا صدام حسين بالنسبة للعراق كما الله بالنسبة للوجود، وانطلت اللعبة على الناس بالقمع والارهاب والقسوة، واحيانا بشراء الضمائر بثمن بخس، وبخاصة ضمائر "الظالمين المستضعفين" و "الحاشية المتملقين"، كما يصطلح عليهم الشهيد محمد باقر الصدر، انتزاعا من قوله تعالى في سورة سبأ الاية ٣١:"وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ"، وقوله في سورة الاعراف الاية ١٢٧: "وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ."

ومن خلال سيرة البعثيين على مدى ٣٥ سنة عرفنا خارطة اقصر طريق لبناء الاستبداد والدكتاتورية، وهي تشمل النقاط التالية:

اولا، بناء جهاز امني وقمعي  قوي، يشكل السلاح الضارب بيد الحاكم المستبد، وكانت البداية من جهاز حنين سيء الصيت.

ثانيا، الهاء الشعب بمعارك وقضايا جانبية تصرف انتباهه عن عمليات بناء الدكتاتورية، مثل قصة ابو طبر والحنطة المسمومة وغيرها.

ثالثا، التخلص من كل الاشخاص ذوي القدرة على التحدي والاستقطاب، وبخاصة من اصحاب المعرفة بماضي صدام وحقيقته، سواء كانوا داخل الحزب ام خارجه، مثل عبد الخالق السامرائي، وحردان التكريتي وغيرهما.

رابعا، الاستخدام المفرط للقسوة في تصفية الاحزاب المنافسة والمعارضة، كما حصل للحزب الشيوعي وحزب الدعوة، والاحزاب الكردية، وحركة القوميين العرب.

خامسا، تسخير الاعلام باقصى طاقته لتزييف الوعي العام وتسخيره بخدمة الدكتاتورية الجديدة وتجميل صورة الدكتاتور، ومنع الرأي الاخر وتكميم الافواه، على قاعدة: "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ"، وقاعدة:"قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ".

سادسا، محاربة اصحاب الرأي والاقلام الحرة، بمنعهم من النشر، او منع كتبهم، واعتقالهم، وتصفيتهم جسديا اذا تطلب الامر، وقد دفع ثمن هذه السياسة الالاف من المفكرين والكتاب والاعلاميين والفنانين والادباء الذين لم يسايروا صدام وحزبه، وكان نصيبهم التصفية الجسدية او الاعتقال او الهرب الى خارج العراق، وفي مقدمتهم محمد باقر الصدر وعزيز السيد جاسم وغيرهم كثيرون مما لا يسعني الاسهاب بذكر اسمائهم.

سابعا، شراء ذوي الضمائر الضعيفة من اشباه الكتاب والفنانين من العراقيين والعرب للتسبيح بالوهية صدام وعبادته.

اليوم، تجري عملية العودة الى الاستبداد وتصنيع دكتاتور جديد على قدم وساق باستخدام نفس الاساليب، مع اختلاف المقاييس لاختلاف الزمان والاشخاص، بطريقة تبدو ناعمة  لكنها في منتهى الخبث، وصولا الى تنصيب اله جديد يُرغم العراقيون على طاعته والانضمام الى حزبه قيد الانشاء واسكات المعارضين والمنافسين واصحاب الرأي والكلمة والعقل الحر. وما اعتقال المحلل السياسي ابراهيم الصميدعي، ومن قبله منع نشر مقالات احد الكتاب في صحف الدولة، الا خطوات تمهيدية لاقامة الدولة القمعية الاستبدادية الدكتاتورية.

ازاء هذا لم يعد السكوت ممكنا ولا جائزا!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك