المقالات

أمَلُنَا بالسِّيستانيّ ..

1647 2021-03-20

 

أ.د علي الدلفي ||

 

عندما وصلَ الطّغيانُ بصدّامٍ (لعنةُ اللهِ عليهِ)؛ أنْ يهدّدَ حياةَ الإمامِ السّيّدِ أبي القاسمِ الخوئيّ (قدّس سرّه)؛ قال له بعضُ العلماءِ المشاورينَ له وبعضُ وتلاميذهِ: (سيِّدنا ربّما من الأصلح أنْ تسافروا إلى إيران وهناك تستقرّون حتّى يهدأ الوضع)؛ فقـــالَ السّيّدُ أبو القاسم الخوئيّ: (هَلْ أخرجُ من النَّجفِ لَيُقالَ كانتْ هناك حوزة في النّجفِ بناها الطوسيّ وهدّمها‏ الخوئيّ).

لَقَدْ عاشَ السّيّدُ الخوئيّ في وطنِهِ وَحْشةَ الغربةِ والعزلةِ والوحدةِ والإقامةِ الجبريّةِ؛ وابتعادِ النّاسِ عن حوزتها العلميّةِ وعزلها عن المجتمعِ؛ إنّها عيشة السّجن الانفراديّ في تلك المرحلة العصيبة من تاريخ العراق الحديث؛ ومع ذلك كلّه رفضَ مغادرة النّجف الأشرف مدينة جدّه الإمام عليّ (عليه السّلام)..

وما يحدثُ في وطننا العزيز؛ في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه الحاضر؛  من أحداثٍ قد سبقت التّظاهرات "السّلميّة" وما رافقتها من أعمال؛ هي مُحاولةٌ لإبعادِ المرجعيّةِ الدِّينيّةِ العُليا وخطابها التّفاعليّ والإيصاليّ بالمجتمعِ العراقيّ عن الواقع: الاجتماعيّ؛ والسّياسيّ؛ والتّوعويّ؛ والإرشاديّ؛ والوعظيّ؛ والإقناعيّ؛ والتّضامنيّ؛ والإعلاميّ؛ والتّحذيريّ؛ والرّقابيّ بأنواعه...إلى آخره.

وتجريدها من الخطاب الاجتماعيّ النّهضويّ الذي يدورُ  حول قضيةِ النّهضة عامّةً والتّجديد الفكريّ والثّقافيّ خاصّةً.

وأستطيعُ أنْ أجزمَ أنَّ آيةَ اللهِ العظمىٰ سماحةَ السَّيِّدِ السّيستانيّ (دام ظلّه) ليس أوّلَ من مدَّ جسورَ التّواصلِ الإنسانيّ بأنواعهِ المتعدّدةِ والكثيرةِ مع المجتمع العراقيّ؛ ولكنْ هو أوّل من رعىٰ عمليةً سياسيّةً معقّدةً وُلِدت من رحمِ الاحتلالِ؛ وهو أوّلُ من صفعَ الأمريكان ومن معهم؛ واستطاع أنْ يحافظَ علىٰ ملامحِ المذهبِ وعلاقته الوطنيّة المتينة بالمذاهبِ والأديانِ والقوميّاتِ الأخرى؛ وهو أوّلُ من دعا إلى كتابة دستورٍ عراقيّ بعيدًا عن تدخّلاتِ الخارج والقوىٰ الإستعماريّة؛ وهو أوّل من دعا إلى إقامةِ انتخاباتٍ وطنيّةٍ..... وهو أوّلُ من كان يفكّر بالوطنِ العراقيَ الحرّ المستقلّ بعيدًا عن كلّ التّجاذباتِ الدّاخليّة والخارجيّةِ... وهو أوّلُ من قضى على الفتنِ وتخليص البلاد من شبحِ الحربِ الأهليّةِ. ولا ننسى فتوىٰ الجهاد الكفائيّ؛ وما أنتجته من ح.ش.دٍ جرّارٍ استطاع أنْ يقضي علىٰ كلّ مخطّطاتِ الخارج؛ إنّه ح.ش.د السّيّد ح.ش.دنا الشّعبيّ الذي أرغم أنف د.ا.ع.ش ومن خلفهم في الوحل.. وهذا غيض من فيض ما قدّمه للشعبِ العراقيّ جميعًا؛ ولا غرابة فهو (مرجِعُ الوطــــن).

وبزيارةِ البابا له اتّضح للجميعِ أنَّ سماحةَ السَّيِّد السّيستانيّ أقوىٰ شخصيّة في العالم لما يمتلكه من إيمانٍ مطلقٍ وحبٍّ لا يوصف للإنسانيّةِ جمعاء وللعراقيّين والعراقِ على وجه الخصوص؛ لهذا فهو يمثّلُ خطرًا حقيقيًّا ودائمًا علىٰ مصالحِ الدّولِ الكبرىٰ والقوىٰ الاستعماريّة.

لَقَدْ خطّطتِ القوىٰ الإقليميّة الحاكمة؛ والدّول الكبرىٰ بناءً على حمايةِ مصالحِ (الصّ. هـ. يونيّة) وأصدقائها في منطقة الشّرق الأوسط؛ لأنْ تبعده عن الشّارعِ العراقيّ الذي طالما آمنَ به ولجأ إليه في أشدّ الأوقاتِ ضيقًا وخوفًا؛ مُنْذُ (٢٠٠٣) إلىٰ يومنا هذا؛ فهو (الحاميّ؛ والحلّال؛ والمُقدّس)؛ وستبقىٰ مخطّطاتهم أضغاث أحلامٍ؛ ما دام السِّيستانيّ فينا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك