المقالات

التملق خيانة ووسيلة لانهدام المجتمعات


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

جلسة التملق لشخص رئيس مجلس الوزراء العراقي في بداية العام الجديد في الفيديو المسرب ، بكيل مديح الوزراء لرئيسهم اثار حفيظة ومشاعر كل مواطن حريص على بلده ،لان مهمة مجلس الوزراء هو انجاز الاعمال التي ينتظرها المواطن وكل الوزراء هم خدام هذا الشعب ويجب ان يتحلوا بالشجاعة من اجل الوصل الى الاهداف لا ان يكون اللقاء هو كيل للمديح و ان يكون التبريك بالعام الجديد لاهداف خاصة  بل بيان المنجزات والمعوقات وخاصة الميزانية العام التي تمثل لقمة الخبز لابناء الوطن وصورة سوداء من التملق لشخص الرئيس في ظل غياب المنجزات وعدم المبالاة وتمثل كارثة حقيقية .

التملق وسيلة يستخدمها افراد من المجتمعات  تجاه بعضهم لأسباب مختلفة سواءً لتحقيق مصالح شخصية أو اقتصادية ويصيب النفس البشرية، ويَنخَر في عضد المجتمع وهو من الامراض الخطرة التي تسوسُ نخاع الإنسان القِيَمي، فبه تنهدم المبادئ لمجرد اللهث وراء المنفعة الذاتية، للحصول على ما يراد بدون تعب أو جهد، بل الأدهى والأمرُّ أن بعض الناس أصبح التملقُ عندهم مبدأً، ويعتبرون ما يتحقق من هذا الفعل المذموم إنجازًا ونجاحًا، وينتج عنه خداع المجتمع و وضع الشخص الغير المناسب في المكان الغير المناسب له وهذا مثل ضرر الواسطة ، ربما تصل الى الاضرار بالاخرين من حيث اخذ اماكنهم فمثلا موظف يتملق مع مديره فيضعه مكان موظف ثاني ، وضعف في التنمية الاجتماعية وهو كذلك يطلق عليه في التعبير العام (لغة المجاملة) وينتهي كذلك بانتشار وباء ثان، متمثل في (التملص) من المسؤولية. فإذا كان (المتملق) يحصل على حقوق غيره أو حتى على حقوقه لكن بطرق مهينة. فإن ولي نعمته، ذاك الشخص الذي تملق إليه من اجل الظفر بتلك الوظيفة أو الخدمة،وهو نتيجة الاتصاف بمجموعة من الاخلاق الذميمة المرتبطة به مثل: الكذب، وقبول الباطل، وتضييع الحقوق، وإقبارا مبدأ تكافؤ الفرص، وفي اعتقادي أن أي شيء بني على هذا الأساس الهش معرض للسقوط لا محالة، لأن بنيانه غير قوي ولا يحمل الصلابة الأخلاقية المطلوبة، وهذا كله ما يؤدي في النهاية إلى تفشي الفساد وضياع العدل وانتشار المحسوبية ويسبب هذه الحالة المداهنة من قبل المقابل ويغضي عن عيوب الطرف المتملق  ويعطيه جملة من المميزات التي لا يستحقه  و الثناء المفرط الذي  يشوبه الكذب والمبالغة في الإطراء غير الحقيقي على شخص بهدف لفت انتباه الشخص الاخر، يكاد ان يكون التملق الوسيلة الآمنة والوحيدة للوصول بالنسبة للانتهازي، لا سيما إذا كانت قيم الإخلاص والنزاهة غير متوفرة عنده، الشيء الذي يجعل التملق دربه الوحيد المتبع، لأنها الطريقة التي تمهد لنفسه التسلق على الأكتاف، دون اعتبار لمن تضرر ومن سيتضرر، المهم في عقيدته أن يصل لما يريده هو فقط، فغايته تبرر له وسيلته المتبعة، ومصلحته مقدمة على حساب كرامته ونحن عندما نتحدث عن التملق هنا ليس بدافع الدعوة إليه أو القيام بحملة لتشجيع ممارسته، ولكنه بغرض بيان حقيقته وتجلياته، عسى أن يكون ذلك سببا لهداية النفوس غير السوية، ورجوعها لجادة الصواب. إن الحياة بلا عزم وصبر ومثابرة تورث صاحبها الذل، ولعل هذا الوصف مما يظهر حقيقة من يقاوم ويكافح ويصابر ليصل إلى ما يطمح له مع الحفاظ على المبادئ الشريفة والقيم الأصيلة، فالمتشبع بالقيم الأخلاقية يأبى أن يمس الخنوع ذاته، ولا يرضى أن يذل غيره ويعيش مهانا، ولا يقوى على التملق ولو كان في أمس الحاجة إليه للوصول به لما يبتغيه.

والإطراء من الآخرين أكثر ضرراً مما يوفره لنا ذلك الذي يجرؤ على الاعتراف بالحقيقة،. عندما تكون في وسط قطيع من المتملقين، لن تكون المزايدة لصالح أحد، تبقى الخطورة عندما يصدق الناس المُتملق إليهم ما يقال عنهم باعتباره حقيقة واقعة، "فمن يرغب بأن يتملق الآخرون له، هو أخطر من الشخص المتملِق. الظلم وانعكاساته على الإنسانية -

أن المحترفون في  هذا النوع من الممارسات " التّملق " لا يدركون أنَّ  مثل هذا السلوك المنحرف هو يخالف مسار الضّبط القيمي و الشرعي والتربوي و الفطرة الإنسانية قبل مخالفته للنظام الإنساني العام لتناقضه مع منطق اللاعدالة بينه وبين من يعلوه كفاءة، ولا يوجد مبررًا للتملُّقِ حتى في حالة الضرورة اذا كان الانسان واثق من نفسه و يؤكد عدم تطابقه بأخلاقيات المسلم المنبثقة من قواعد الشريعة الإسلامية ومنهجها القويم، "يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: إن مَن خاف من الله خافَه كلُّ شيء، ومَن كان مع الله جعل الله الخلق كلَّهم معه، ومن أطاب مطعمه ومشربه استجاب الله دعاءه، وتبعا لذلك فإنَّ الموظف المؤمن بعمله صاحب المبادئ السامية والقيم الواعية والأخلاق الفضيلة يفرض احترامه بجده وقمة نشاطه وجمال مصداقيته ونزاهة ممارسته وأمانته، وبالتالي تبنى ثقته بربه والرغبة تكون لإرضائه ويجعل إنتاجيته في مجال عمله وسيلة نجاحه الوظيفي وارتقاءه في أعين رب عمله، "

 

*باحث واعلامي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك