المقالات

التغيير الانتخابي..


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

قليلون جدا جدا مازالوا يعتقدون ان الانتخابات يمكن ان تحمل معها امكانية التغيير. فقد قال ٨٥٪ ممن شاركوا باستطلاع اولي اجريته قبل ايام انهم لا يعتقدون ان الانتخابات النيابية المبكرة سوف تحقق تغييرا ملموسا في العراق. وهذه نسبة عالية جدا لا تناظرها الا نسبة الذين يقولون انهم لن يشاركوا في الانتخابات اصلا.

بهذه النسب العالية يسهل علينا الاستنتاج ان اغلبية الناس وصلوا الى مرحلة اليأس من العملية السياسية التي اديرت منذ عام ٢٠٠٣ من قبل احزاب المحاصصة الطائفية والقومية واسفرت عن عجز في تلبية طموحات وامال المواطنين، ذلك الفشل الذي وصل ذروته بتشكيل حكومة المتملقين الحالية. تتحمل الطبقة السياسية التي ارتكبت كمية هائلة من عيوب التأسيس واخطاء الممارسة، مسؤولية ذلك، كما تتحمل جوقة المتملقين قسطا اخر من المسؤولية. ومازال هؤلاء يهتفون لاي قادم بالهتاف الممسوخ "بالروح بالدم ..."، والذين يتحملون قسطا كبيرا في ظاهرة تغول الحاكم ونمو الاستبداد والدكتاتورية في العراق.

الشعب يتطلع الى التغيير، والاصلاح، ومحاربة الفساد، لكن نقطة الشروع الصحيحة بتحقيق هذا المطلب مازالت غير واضحة في اذهان المطالبين بذلك. وليس ادل على ذلك من الشعارات الخاطئة التي رفعت في تظاهرات عام ٢٠١٩ مثل شعار "نريد وطن"، وغيره من الممارسات التي اجهضت الحركة الاصلاحية العفوية التي باركتها المرجعية الدينية في حينها، وانتهى الامر بارتكاب الخطيئة الكبرى بتسليم الحكم الى شلة المتملقين.

نقطة الشروع الصحيحة، كما قلت مرارا، هي في معالجة الخلل الحاد في #المركب_الحضاري ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة. وهذا الخلل يشمل الدولة كلها، بما في ذلك الطبقة السياسية الحاكمة، ومؤسسات الدولة  وكثير من الناس. وما لم تتم معالجة هذه الخلل فلن يكتب لدعوات الاصلاح والتغيير النجاح.

في الدولة الحضارية الحديثة، حيث الديمقراطية السميكة thick democracy هي قاعدة الحكم، تكون الانتخابات هي الطريق السليم الى التغيير، بشرط اجرائها وفق قانون منصف وعادل، وفي بيئة سياسية سليمة، وهذا ما لا يتوفر في العراق الان. وبذا تنحصر امكانية التغيير بطرق اخرى، اما اكثر كلفة او اكثر صعوبة، ما يدفعنا الى العودة الى خيار الانتخابات بوصفه الخيار الوحيد الممكن.

لكن خيار الانتخابات يواجه صعوبتين، احداهما الطبقة السياسية الحاكمة نفسها، والثانية تشردم وتشتت جهود الراغبين بالتغيير.

فاما الطبقة السياسية الحاكمة، او احزاب السلطة التقليدية فهي تملك الان المال والسلطة والنفوذ والخبرة والسلاح ما يعطيها افضلية في التحكم بمخرجات الانتخابات بمختلف الطرق بما في ذلك التزوير والغش. وهي قد احكمت امرها من الان من اجل الفوز بالانتخابات.

واما الراغبون في التغيير فهى يعانون من مشكلات جمة اذكر بعضها كما يلي:

اولا، عدم وضوح ستراتيجية التغيير عندهم، بمعنى عدم توفر رؤية مستقبلية كافية لبناء دولة حضارية حديثة. وهذا هو نفس النقص الذي نجده عند احزاب السلطة التقليدية.

ثانيا، عدم توفر الامكانيات المالية والمادية بشكل يمكنهم من خوض منافسة متكافئة مع احزاب السلطة التقليدية.

ثالثا، وهنا المقتل، انهم لم يستفيدوا من تجارب الانتخابات السابقة وراحوا يرتكبون نفس الخطا بتشكيل عدد كبير جدا من الاحزاب التي لن يكون بامكان اي منها التأثير على مخرجات الانتخابات.

سيؤثر كلامي هذا على الناس باحد طريقتين: اما زيادة اليأس وفقدان الامل تماما بالتغيير. وهذا ما لا ارمي اليه. او، وهذا ما اتمناه،  لفت انتباه الراغبين بالتغيير ودفعهم الى معالجة النقاط الثلاث المذكورة اعلاه وكلها قابلة للمعالجة اذا تم حل اشكالية النقطة الثالثة، وذلك بان يصار الى تشكيل تحالف واسع وكبير يمنع تشتت الاصوات وينجح في ايصال عدد ملموس من الاشخاص الاصلاحيين الى البرلمان القادم.

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك