المقالات

الدستور... وقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم

1574 16:57:00 2008-03-20

( بقلم : المحامي ماجد شناطي نعمة )

لعل من أهم الأمور التي تسهم وبشكل واضح في بناء الدولة وتعزيز أركانها وسيادة الأمن في ربوعها هي الصياغة القانونية الموفقة لقوانين تلك الدولة ، تلك الصياغة التي تسهم في جعل القانون حكما واضحا وعادلا يتناول الموضوع ليعكسه على ارض الواقع عدالة وامن ، وكل ماكان القانون دقيقا في الصياغة ، واعيا لحقيقة الموضوع الذي يتناوله ، مسترشدا بالقوانين السابقة ،آخذا منها بما يناسبه ، ومبتكرا في ما يواجهه في الحاضر والمستقبل للحلول المناسبة ، يكون هذا القانون جديرا بالاحترام والتطبيق من قبل أبناء المجتمع والسلطات ألعامله فيه ، لذا فإننا وفي الوقت الذي نبارك الجهود المخلصة في صياغة القوانين و وضعها موضع التنفيذ في عراقنا الجديد الذي يمر هذه الأيام بمرحلة هامة من تاريخه هي مرحلة بناء دولة القانون تلك المرحلة التي بدأت بصدور الدستور العراقي الذي يعتبر بحق أهم وثيقة سياسية وقانونية في تاريخ العراق الحديث كونه يعد الأساس الذي تبنى عليه الدولة وتصدر بموجبه ومن خلاله كثير من القوانين ، تلك القوانين التي كان أخرها قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم ، هذا القانون الذي يعتبر من القوانين الهامة بحق ، وبغض النظر عما رافق إصدار هذا القانون من شد وجذب فأننا سنحاول ومن خلال بحثنا هذا النظر في هذا القانون من الناحية القانونية لنستكشف ماورد فيه من مواضيع نعتقد أنها مخالفة للدستور ، منطلقين في ذلك من نص الدستور العراقي في المادة 13 منه التي نصت على انه (أولا :ـ يُعدُ هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق، ويكون ملزماً في إنحائه كافة، وبدون استثناء.ثانياً :ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نصٍ يرد في دساتير الأقاليم، أو أي نصٍ قانونيٍ آخر يتعارض معه .) ويعتبر هذا النص من النصوص الهامة لأنه يؤسس لمبدأ يعتبر من أهم المبادئ الدستورية التي غالبا ما تحرص كل الدساتير في الدول على الإشارة له في ثنايا دساتيرها لما له من أهمية في بناء الإطار القانوني السليم للدولة ، إذ بموجب هذا النص لايجوز تشريع أي قانون يتعارض مع الدستور ، وعند حدوث التعارض فان النص المعارض للدستور يعد باطلا ، وعند الاطلاع على نص قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم ، وجدنا بعض النصوص التي تحتاج إلى معالجة لما تثيره من مشاكل قانونية تتعلق بمدى مطابقتها لنص الدستور سنحاول أن نسلط الضوء عليها في أدناه :

أولا - المادة (2) الفقرة أولا من القانون:لقد نصت المادة (2) الفقرة أولا من القانون محل المناقشة على ان ( مجلس المحافظة هو أعلى سلطة تشريعه ورقابية ضمن الحدود الإدارية للمحافظة لها حق إصدار التشريعات المحلية في حدود المحافظة بما يمكنها من أدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية بما لايتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية ) وبالرجوع إلى أحكام المادة 115 من الدستور نجد آن هذه المادة قد نصت على ( كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما. ) ومن خلال مقارنة النص الدستوري مع النص أعلاه نجد أن نص القانون على أطلاقه يعد مخالفا للدستور ذلك لأن الدستور نص على أن الأولوية للقوانين المحلية الخاصة بالمحافظة عند تعارضها مع القوانين الاتحادية وذلك في الصلاحيات المشتركة التي تدار من قبل الطرفين ، عليه فالنص القانوني بوضعه الحالي بحاجة الى معالجة من هذه الجهة كان يقال (.....بما لايتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية وعلى ان تكون الأولوية للقوانين المحلية في المسائل الداخلة في الصلاحيات المشتركة في حالة الخلاف بينهما ) أو يقال ( ...بما لايتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية مع الأخذ بنظر الاعتبار أحكام المادة 115 من الدستور ) .

ثانيا - المادة (2) الفقرة ثانيا من القانون:لقد نصت المادة(2) في الفقرة ثانيا منها على( يخضع مجلس المحافظة والمجالس المحلية لرقابة مجلس النواب) وعند الرجوع إلى الدستور ومقارنة ماورد في هذه المادة مع الدستور نجد أن هذه الفقرة تتعارض مع النصوص الدستورية التالية :

أ- ان الدستور ووفقا لنص المادة 61 منه قد حدد الاختصاصات التي يختص بها مجلس النواب وعند الرجوع أليها لأنجد لمجلس النواب مثل هذا الاختصاص ، أي مراقبة مجلس النواب لمجلس المحافظة وبالعبارة التي استخدمها القانون بقوله(يخضع) ، الأمر الذي يعني إضافة اختصاص جديد لمجلس النواب لم ينص عليه الدستور، ويدخل في باب استحداث صلاحيات جديدة للسلطة التشريعية ، التي هي واحدة من السلطات الاتحادية الثلاث التي نص عليها الدستور بالإضافة للسلطة التنفيذية والقضائية ، وهذا الآمر يعد مخالفة دستورية من هذا الجانب ، وقد وجدنا ان المحكمة الاتحادية وفي قرارها بالعدد 227/ت/ 2006في 9/10/2006 وردا على استفسار مجلس النواب ـ لجنة النزاهة حول (هل يمكن إضافة كلمة (العامة) إلى نهاية عبارة هيئة النزاهة الواردة في المادة (102) من الدستور في قانون الهيئة) قد ذهبت إلى الــرأي الآتـي( لا يمكن إضافة كلمة (العامة) إلى نهاية عبارة هيئة النزاهة الواردة في المادة (102) من الدستور وذلك إلى قانون هيئة النزاهة عند تشريعه ، لأن نص المادة (102) من الدستور قد حدد الاسم ابتداء ولا يجوز مخالفته ...) فإذا كان لايجوز إضافة كلمة إلى النص الدستوري فمن باب أولى انه لايجوز إضافة صلاحية جديدة لأي سلطة لم ينص عليها الدستور .

ب- ان الدستور وفي الباب الرابع منه المواد 109 و 110 و111و112 و113 و114 و115 قد حدد اختصاصات السلطات الاتحادية واختصاصات سلطات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم وان هذا التحديد تم وفقا لطبيعة النظام الاتحادي الذي تبناه الدستور وحرص من وضع الدستور على التأكيد عليه لضمان عدم طغيان واستبداد سلطة على حساب سلطة أخرى ، وبالرجوع الى المادة 109 نجد أنها تنص على (تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي) في حين حددت المادة 110 الصلاحيات التي تختص بها السلطات الاتحادية بقولها (تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية:

اولاً :ـ رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية.

ثانياً :ـ وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها، لتأمين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه.

ثالثاً :ـ رسم السياسة المالية، والكمركية، واصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي، وادارته.

رابعاً :ـ تنظيم أمور المقاييس والمكاييل والاوزان.

خامساً :ـ تنظيم امور الجنسية والتجنس والاقامة وحق اللجوء السياسي.

سادساً :ـ تنظيم سياسة الترددات البثية والبريد.

سابعاً :ـ وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية.

ثامناً :ـ تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق، وضمان مناسيب تدفق المياه اليه وتوزيعها العادل داخل العراق، وفقاً للقوانين والأعراف الدولية.

تاسعاً :ـ الإحصاء والتعداد العام للسكان) .وبالرجوع إلى أحكام المادة 47من الدستور نجد أنها حددت السلطات الاتحادية بقولها ( تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات).فإذا كانت السلطة التشريعية هي أحدى السلطات الاتحادية ، وان تلك السلطات قد حدد الدستور صلاحياتها على سبيل الحصر في مواجهة باقي الجهات في النظام الاتحادي ، فلا مجال بعد ذلك للقول بإعطاء الصلاحية لمجلس النواب الذي يمثل ( جزء من السلطة التشريعية لوجود جزء أخر لم تشرع أحكامه بعد هو مجلس الاتحاد ) الحق في المراقبة على مجلس المحافظة لان ذلك غير وارد في الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية والتي يمثل مجلس النواب إحدى السلطات فيها .

ت- ان هذا النص لاينسجم وأحكام المادة 122من الدستور التي تحدثت عن المحافظات التي لم تنتظم في إقليم بقولها (اولاً :ـ تتكون المحافظات من عددٍ من الأ قضية والنواحي والقرى.ثانياً :ـ تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من أدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون.

ثالثاً :ـ يُعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس.

رابعاً :ـ ينظم بقانونٍ، انتخاب مجلس المحافظة، والمحافظ، وصلاحياتهما.

خامساً :ـ لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة أو أشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة، وله ماليةٌ مستقلة).فهذه المادة من الوضوح بمكان لاتدع المجال لأحد كي يخالفها وذلك لأنها وعند حديثها عن صلاحيات المحافظات غير المنتظمة بإقليم أكدت على الأمور التالية :

(1- ان المحافظات تتمتع بصلاحيات مالية وإدارية واسعة ،

 2- ان مجلس المحافظة لا يخضع لسيطرة أو أشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة، وله ماليةٌ مستقلة)وبالرجوع إلى نص قانون مجالس المحافظات فنجد ان النص أشار إلى (يخضع مجلس المحافظة والمجالس المحلية لرقابة مجلس النواب ) وهذا يتناقض مع النص الدستوري الذي أشار إلى (عدم خضوع )، ولو اراد الدستور ان يمنح مجلس النواب مثل هذا الحق لنص عليه في الدستور، وحيث انه لم يقرر هناك فلا يجوز تقرير هذا الحق بقانون يأتي في درجة أدنى من الدستور ومتناقضا معه .

ثالثا - المادة (7) الفقرة الثالثة :نصت المادة (7) من القانون على صلاحيات مجلس المحافظة وتحدثت الفقرة ثالثا منها على حق المجلس في ( إصدار التشريعات المحلية والأنظمة والتعليمات لتنظيم الشؤون الإدارية والمالية بما يمكنها من أدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية وبما لايتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية ) ويصدق ماقلناه في الفقرة أولا من هذا البحث على هذه الفقرة من أنها لم تراعي الدستور في موضوع الصلاحيات المشتركة الذي أشارت له المادة 115 من الدستور والتي تعطي الأولوية لقانون المحافظات في مواجهة القانون الاتحادي في مجال الصلاحيات المشتركة .

رابعا - المادة (7) الفقرة ثامنا:نصت المادة سابعا الفقرة ثامنا على ( 1- استجواب المحافظ او احد نائبيه بناءا على طلب من ثلث أعضائه وعند عدم قناعة الأغلبية البسيطة بأجوبة المستجوب يعرض للتصويت على الإقالة في جلسة ثانية ويعتبر مقالا بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس ويكون طلب الإقالة أو التوصية بها مستند على احد الأسباب الحصرية الآتية:

أ – عدم النزاهة أو استغلال المنصب الوظيفي ب- التسبب في هدر المال العام ج- فقدان احد شروط العضوية ه- الإهمال أو التقصير المتعمدين في أداء الواجب والمسؤولية) .

2 - لمجلس النواب إقالة المحافظ بالأغلبية المطلقة بناءا على اقتراح من رئيس الوزراء لنفس الأسباب المذكورة أعلاه).ومع التأكيد هنا على ما اشرنا له عند حديثنا عن المادة الثانية الفقرة ثانيا من القانون ، فأننا وعند الحديث عند هذه المادة ، نجد أنها في (الفقرة 1) قد أعطت الحق لمجلس المحافظة بإقالة المحافظ ، وان هذا التوجه من القانون بمنح هذا الحق لمجلس المحافظة يعتبر مقبولا ولاغبار علية وذلك لان المجلس منتخب من أبناء المحافظة ومعبرا عن رغباتهم فمن حقه والحالة هذه أن يقيل محافظ المحافظة عند تحقق مايستوجب ذلك قانونا هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لان المحافظ انتخب من قبل المجلس أصلا ومن يمتلك الحق في الوضع يمتلك الحق في الرفع ، ولكن النص في ( الفقرة 2 ) من نفس المادة ، على منح هذا الحق الى مجلس النواب بإقالة المحافظ بناء على اقتراح من رئيس الوزراء فانه محل نظر ، كونه يأتي متناقضا مع أحكام الدستور المادة 122منه ، وذلك لان هذه المادة أكدت على ثوابت دستورية يجب مراعاتها لضمان بلورة النظام الاتحادي وتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات الذي تبناه الدستور أذا أكدت فقرات هذه المادة على تلك الحقائق بقولها

((...ثانياً :ـ تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من أدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون.

ثالثاً :ـ يُعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس.

رابعاً:ـ ينظم بقانونٍ، انتخاب مجلس المحافظة، والمحافظ، وصلاحياتهما.

خامساً :ـ لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة أو أشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة، وله ماليةٌ مستقلة). ومن خلال تدقيق هذه المادة نجد إنها تؤكد على أن إدارة المحافظات تتم وفقا لنظام الإدارة اللامركزية ، وبصلاحيات مالية وإدارية واسعة ، وعند الرجوع لتحديد مفهوم النظام اللامركزي في أدارة الدولة نجد ان الأستاذ الدكتور علي محمد بدير في كتابه ( مبادئ وأحكام القانون الإداري ) يحدد هذا النظام بقوله ( أن خلاصة النظام اللامركزي الإداري ، انه يخلق بجانب الدولة ، كشخصية معنوية عامة ، عددا من الأشخاص المعنوية العامة ، لكل منها كيانه القانوني وذمته المالية الخاصة به ، بحيث يكون موظفوه مستقلون عن موظفي الحكومة المركزية في العاصمة او في الأقاليم ، وتكون مسؤولياته عن أعمال هولاء الموظفين او في مواجهتهم مستقلة كذلك عن مسؤولية الدولة عن أعمال موظفيها ... ويتابع ....غير ان وحدة الدولة السياسية والقانونية ، توجب ان لايكون استقلال الهيئات الإدارية المحلية عن الحكومة المركزية استقلالا كليا بل مقيدا بالنطاق الذي يرسمه القانون من ناحية ، وان تمارس تلك الهيئات المحلية ماقدر لها من اختصاصات تحت رقابة وإشراف الحكومة المركزية من ناحية أخرى .

ولكن يتحتم على الإدارة المركزية أن لاتتعدى حدود الرقابة المقررة في القانون وذلك صيانة لاستقلال الهيئات اللامركزية ) فنجد ومن خلال هذه الخلاصة ، أن النظام اللامركزي يقوم على دعامة أساسية وهي استقلال الهيئات المحلية في مواجهة الحكومة المركزية ، وان كانت هناك رقابة وإشراف ، فيجب أن يقررها القانون ، وبالرجوع للدستور العراقي الذي يعتبر أعلى قانون في الدولة العراقية ، نجد انه يؤكد على استقلال المحافظات استقلالا تاما ، بل وينص وبصراحة في ( الفقرة خامسا من المادة 122 من الدستور) على عدم خضوع مجلس المحافظة لسيطرة أو أشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة ، وان المحافظ الذي ينتخب من قبل مجلس ألمحافظه يعتبر الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة ، فالقول بمنح صلاحية إقالة ذلك المحافظ لمجلس النواب بناء على اقتراح من رئيس الوزراء يمثل مخالفة للدستور لأنه يعد تدخلا في عمل المجلس ونقض لقراراته وهو أمر لايقره الدستور و لأننا سبق وان اشرنا الى ان الدستور قد حدد لكل سلطة صلاحياتها وبصوره حصرية ولا توجد بين تلك الصلاحيات مايخول السلطة التشريعية بجزئها الحالي ( مجلس النواب ) ولا السلطة التنفيذية الاتحادية التي هي وحسب نص المادة 66 من الدستور تتكون ، من رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء والتي تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون بجزئها ( مجلس الوزراء ممثلا برئيسه ) للتجاوز على حساب سلطة أخرى (مجلس المحافظة ) والتدخل في قراراتها خصوصا قرار هام يتعلق بإقالة الموظف التنفيذي الأعلى في المحافظة (المحافظ ) الأمر الذي يمثل انتهاكا للدستور من هذه الناحية .

خامسا - المادة (20) الفقرة ثانيا:نصت المادة (20) في فقرتها الثانية على ( لمجلس النواب حل المجلس بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بناءا على طلب المحافظ أو طلب من ثلث عدد أعضائه أذا تحقق احد الأسباب المذكورة أعلاه ) وبالرجوع غالى الفقرة أعلاه نجد أن تلك الحالات تتحدد بما يلي :

1- الإخلال الجسيم بالأعمال والمهام الموكلة أليه 2- مخالفة الدستور والقوانين 3- فقدان ثلث الأعضاء شروط العضوية

وعند ملاحظة هذه المادة فأننا نجد أنها تخالف الدستور ، وذلك لان مجلس النواب وكما اشرنا سابقا هو جزء من السلطة التشريعية المكونة من مجلس النواب ومجلس الاتحاد ، وقد أكدنا وعند الحديث في البند (ثانيا ) عن المادة (2) الفقرة ثانيا من القانون ان صلاحيات السلطات الاتحادية محددة حصرا ، وان مجلس النواب باعتباره جزء من السلطة التشريعية قد حددت صلاحياته حصرا بموجب المادة 61 من الدستور كما ان المواد الدستورية 109 و 110 و111و112 و113 و114 و115 قد حددت وعلى سبيل الحصر صلاحيات كل سلطة بموجب الدستور وان هذا التحديد ليس فيه مايخول أو يمنح مجلس النواب الحق( بالإشراف )على مجلس المحافظة ناهيك عن( حله ) ، خصوصا وان المادة 122 الفقرة خامسا كانت صريحة وواضحة في عدم خضوع مجلس المحافظة لسيطرة أو أشراف أي جهة ، لذا فان هذه الفقرة تعتبر مخالفة للدستور من هذه الجهة .

وأخيرا لابد لنا أن نشير ، أننا إذ نقدم هذه الملاحظات فأننا ننطلق من حقيقة مفادها ، وجوب احترام الدستور وما ورد فيه من نصوص كونه يمثل الحد الأدنى الذي اتفق عليه من قبل غالبية الشعب العراقي ، وان أي محاولة لخرق هذا الدستور او تعطيله او عدم الاعتداد به قد تفقده هذه الميزة لتدخل البلاد بعد ذلك في دوامة من التشرذم والصراع لغياب الحد الأدنى من الاتفاق في ظل أداء سياسي متعثر ، مع التأكيد هنا على انه اذا كانت هناك من حاجة لتطوير هذا الدستور ( بمنح صلاحيات لجهات معينة( كمجلس النواب ) مثلا ) فيجب ان يكون ذلك من خلال تعديل الدستور بهذا الاتجاه ووفقا لما اقره الدستور في هذا الصدد ، أما العمل ومن خلال قوانين عادية وفي ظل الصراعات السياسية على أفراغ الدستور من محتواه وتعطيله ، فانه يشكل تناقضا مع مبدأ سمو الدستور وعلويته ذلك المبدأ الذي يعتبر من أهم المبادئ المتفق عليها في فقه القانون الدستوري الأمر الذي قد يفضي في النهاية إلى انتكاسة كبيرة في بناء دولة القانون ويجعلها حلما بعيد المنال ، وقد يؤدي بالتالي إلى خلق دكتاتوريات جديدة في مجتمع مازال لحد هذه اللحظة يمتلك مقومات تلك الدكتاتوريات.

المحامي ماجد شناطي نعمة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك