المقالات

ليتني أكون مخطئا


 

علي علي ||

 

  يبدو ان خصلتي الانتماء والولاء مازالتا هما العنصرين البارزين، والسِمتين الظاهرتين، اللتين تعلوان ولا يعلى عليهما، في ردود أفعال مسؤولينا وساستنا المتبارين في الحصول على مراكز قيادية وحقائب وزارية كل أربع سنوات، وفي كل تشكيلة حكومية تمر بمرحلة المخاض.

 وقطعا الانتماء والولاء ليس للعراق، وليس للذين ضمخوا أصابعهم بالحبر البنفسجي، بعد تحديهم كثيرا من التهديدات والمخاطر، فالولاء شطّ بعيدا عن هؤلاء، والانتماء يلوِّح بكل جرأة تصل حد الصلافة، معلنا ان آخر المستفيدين من التغيير المزمع هم العراقيون. فقد تعود رؤساء الأحزاب والكتل على دفع مرشحيهم للتشكيلات الوزارية، وفق مقاييس لاتخدم الوزارات ولا المؤسسات ولا الهيئات ولا حتى استعلامات الدوائر الحكومية، فالمهنية تغط في نوم عميق أثناء انتقاء الأحزاب مرشحيهم، كذلك الكفاءة شدت رحالها بعيدا عن موازين الكتل، إذ تُدفعت أسماء المرشحين وفق نظرية الـ (گوتره). كما أن لفقرات الدستور غياب دائم أثناء فترات الانتخاب، لاسيما فيما يخص البعثيين المسجلة ضدهم أعمال ضد المواطنين، والمزورين والمتهمين بمواد سبق أن أقر الدستور انها لاتجيز للمدانين بها تسنم مواقع قيادية، فضلا عن المتهمين بجرائم جزائية وأخرى تندرج تحت طائلة الفساد بأنواعه وأشكاله وأصنافه.

    قبل ربع قرن كان صدام يأتي بالشخص غير المناسب، الذي لايفقه شيئا غير التلفظ بعبارة (نعم سيدي) وقد يكون حاصلا على الشهادة الاعدادية على أبعد احتمال، ويريه من المغريات المادية مالم يكن يحلم بنيلها بتاتا، ليوزره وزارة حساسة تتطلب ممن يستوزرها مواصفات ومؤهلات علمية، ويتمتع بشخصية قيادية، فضلا عن سيرته وسلوكه وتاريخه المهني وحتى الشخصي والعائلي، وبذا يضمن الملعون أن الوزارة أخذت طريقها الى الحضيض، فيتدنى العمل بمؤسساتها وهيئاتها إداريا وانتاجا، وتبقى إسما على غير مسمى، وهذا ماكان يرسم اليه ويخطط له ويعمل كل شيء من أجل تحقيقه. وبسيناريو ساذج يقال هذا الوزير بعد حين بسبب أو من دون سبب، ويأتي بغيره بالمواصفات المتدنية ذاتها، فيكمل مشوار سابقه في صنع الخراب ونشر الفوضى والتخلف ومظاهر الفساد في وزارته. ومن المؤكد أن الحال في التسلسل الهرمي للوزارة، يصبح بفعل وزراء كهؤلاء تسلسلا ليس له اول ولا آخر، فتنتقل عدوى سوء الإدارة الى المديرين العامين فالمعاونين فالمديرين فالموظفين، وهكذا سار الحال الى أن استحال حال البلاد الى رقعة جغرافية على سطح الكرة الأرضية، بعيدة عن مسيرة باقي الأمم في الرقي والبناء والعمران، ومحاصرة داخل إطار معزول عن العالم، وكأنها في كوكب آخر، وهذا ما رسم له صدام وحققه.

  هي تجربة يعيها جيدا كل ساستنا في العراق ويذكرونها بالتفصيل الممل، سواء الذين ركبوا موجة السلطة وأبحروا في تيار الجاه والسلطان، أم الذين يتطلعون الى نيل مركز مرموق في سدة الحكم، ويسعون الى الوصول اليه بشكل او بآخر!. وباستقراء بسيط لما كان وما سيكون، تتضح مآلات الأمور، ويسهل التخمين في مكانة البلد ووزاراته، وبأي درك ستقبع فيه بعد حين، مادام النهج المتبع في الاستيزار نهجا نفعيا، ومادام المتسلطون فيه نفعيين، وليس لمصلحة العباد والبلاد حساب ضمن حساباتهم، فماذا تكون النتيجة غير التدني والتدهور في إدارة الوزارات وعملها! وسيأتي يوم تعاد فيه كل سيناريوهات العقود الأربعة الماضية، لكن، بشخوص جدد.. وأسماء جدد.. وسيكون عراقا جديدا أيضا، ببعث جديد، وستكون حتما سقوطات جديدة.

أقول هذا وأتمنى أن أكون مخطئا في تخميني وحدسي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك