المقالات

رأسا المال والمعنى الأميركي، تدحرُجٌ وتكسُّر سقوط المعنى بسقوط المادة

1422 2020-11-12

 

حازم أحمد ||

 

    المُناداة غير الصُّراخ، وأوراق الضغط غير أوراق الانتحار، واستخدام شعارات الرفاهية والحرية والديموقراطية... غير استخدام شعارات الهلع والرعب، آليات الترغيب بالضمان الصحي والانسحاب للداخل الأ.ميركي وإصلاح النظام التعليمي... غير الترهيب من جحيم قادم!.

    هكذا دخلتْ أميركا عصر مفهومات جديدة، وسياسة جديدة في انتخابات 2020، وهي الأولى من نوعها كمًّا ونوعًا، إذ هبطت القيم الأميركية إلى مستوى الحضيض، والمعايير الأخلاقية لم تعُد موجودة، المشكلة التي استفاق عليها الشعب الأميركي يوم الانتخابات هي الدافع الجديد للانتخابات، والسبب الذي تُبْنى عليه حملةُ الجمهوريين وحملةُ الديموقراطيين، لا وجود للتنافس بشرف، ولا قيمة للمشاريع في التنمية والاقتصاد والطاقة النظيفة أو البديلة... التنافس هبط إلى المستويات الشخصية الفردية، إذ مثلَّت هذه الانتخابات أسوأ انتخابات قد تحدث في إحدى الدول العربية الدكتاتورية.

    الورقة الانتخابية الأساس التي كانت بيد الديموقراطيين هي كيفية إسقاط شخص ترمب، والورقة الأساس التي كانت بيد ترمب هي (Sleepy Joe) على حد تعبيره، أي: هي إسقاط شخص خصمه جو بايدن، لم تكن هناك قيمة عُليا لأي مشروع يجذب الناخب كما كنا نُراقب سابقًا، وهذه الفجوة في رؤية الشعب لن تُملأ في دورة انتخابية قادمة ولا دورتين؛ فهي مرحلة ستأخذ وزنها المناسب بالعصف والدمار في أميركا.

    أكثر من (550) ميليشيا مُسلحة شُكِّلت في أميركا خلال مرحلة ترمب، وفي ظرف بضعة أشهر فقط بِيعَت أكثر من (20) مليون قطعة سلاح للشعب الأميركي، مُدرّعات تابعة لأنصار ترمب المدنيين تتجول في شوارع أميركا في مشهدٍ لم تألفه الدولة التي تدّعي تصدير الديمواقراطية للعالم!.

    أميركا تواجه الخطر الأُسِّي اليوم وهو (الاقتصاد)، لأنها خسرت مكانتها بصفتها الاقتصاد الأول في العالم لتنزل إلى المرتبة الثانية، وها هي الصين تتسلَّق نحو قمة الهرم بوتيرة ثابتة.

    هذا ما صرَّحت به مجلة (ناشيونال إنترست) قبل بضعة أيام؛ إذ تذكر نمو الصين لهذا العام بنسبة (4.9%)، عابرة بذلك على رأس المال الأميركي تتفرَّج عليه يتدحرج من فوق قمة الجبل نحو السفوح التي تؤدي مستقبلًا إلى الوديان.

    المفارقة أنّ الموازنة الأميركية تعاني من عجز (3) تريليون دولار، والصين لديها إحتياطي (3) تريليون دولار، ديون أميركا الخارجية أكثر من (23) تريليون دولار وهو أعلى رقم في العالم، والصين ليست مديونة، الدولار الأميركي غير مغطّىً بالذهب، لكن اليوان الصيني في نسبة كبيرة مغطىً بالذهب فضلًا عن اليوان الذهبي والرقمي.

    رأس المال المعنوي الأميركي تكسَّر في هذه الانتخابات؛ إذ لا ديموقراطية ولا حرية ولا احترام لأي قيم تدَّعيها أميركا.

    رأس المال المادي الأميركي تدحرج؛ مارًّا من بين أقدام التنين الصيني في أثناء صعوده إلى قمة الجبل الاقتصادي.

    الاضطرابات والانقلابات بالمفهومات التي تخضع لها أميركا الآن لن تنجو منها بسهولة، وربما لا تنجو، فهي جراحات عميقة تكلفها عقودًا من الزمن للمعالجة، العالم الجديد يُولَد غير آبهٍ بالعقوبات الأميركية ولا بلغتها الفارغة؛ لأنّ حقيقة النظام الأميركي بما يحمل من قيم وادِّعاءات لا يعدو أكثر من تفاهة عابرة آنَ أوان هلاكها.

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك