المقالات

ألواح طينية؛ الناصرية والرعاع..!

1805 2020-09-28

 

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

تسمع من هذا المواطن أو ذاك عبارة "نحن عراقيين ما تصير لنا ﭼارة" وال {ﭼارة} كلمة تركية تعني الحل..وهي عبارة خنوعية تستدعي الأستبداد، كما تسمع من كثيرين أيضا  أن الأمن كان أكثر إستقرارا قبل 2003 عنه الآن بكثير، وتسمعها أيضا من مثقفين، بل أن كتابا وصحفيين يتداولونها في كتاباتهم.

الحق أن الإرث الثقيل الذي نتحمله هو: أن الحرية التي تنبثق عنها المسؤولية، لم تكـن يومـاً عــنصراً حاضراً في ثقافتناـ بل كانت ولا تزال العصا الـغـلـيظة بكل أشكالها هي الحاضرة.

 لو كانت الحرية منذ البداية تشكل العنصر المركزي في تربيتنا، سواء في البيت أم في الشارع أم في المدرسة، ما تخوف بعضنا اليوم من غياب الإســتـبـداد؛ الذي لا نرى في غيره الأمـن والأمـان و به نحتمي.

في ثقافتنا ومخيالنا الشعبي، حيث تقديس الحاكم وسلطته، وحيث أن السلطة إلها مطلقا، لا شيء يقيده أو يحد من سلطاته، وحيث لا ينبغي أن تكون هذه السلطة موضع اعتراض؛ تم ربط الأمـن بالإستبداد؛ حيث لا يمكن فصل الواحد عن الآخــر.

اليوم يكشف ما يحدث في محافظة ذي قار، من هجوم ليس له تبرير على عشيرة العساكرة الخاقانية الكريمة، أننا في طريقنا لصناعة إستبداد جديد، وأننا أزاء تخطيط عميق خبيث، يضعنا اليوم أمام خـيارين لا ثالث لهما: إما الإستبداد وإما إن يـذيــق بعضـنا بـأس بعض.

تجربة العراقيين السابقة مع الإستبداد الصدامي البغيض، أثبتت أن المستبد إضافة الى إستخدامه العصا الغليضة في قمع الشعب حينما يقوا "إحم"، فإن من طبائع الإستبداد أنه يفتعل الحروب الأهلية، والنزاعات العشائرية والنعرات الطائــفـيـة، يـغـذيـهــا ويوظفها عند الحاجة؛ ليظل الشعب باستمرار في حاجة إلى عـصا المستبد، حيث لا يستقر الأمن إلا في ظلاله.

بالمقابل فإن المستــبَــد به، يتحول الى إنسان خانع خاضع، لا يصلح لشيء لخموله وكسله، يـنـتـظـر الأوامر الفوقــية؛ دون أن يأخذ المبادرة لـيـبـدع، فهو لا يصلح للحرية ولا تصلح له، وإذا ما وجد فجوة من الحرية أساء استعمالها، ما يعطي المبرر الكافي للمستبد أن يمارس شهوة الإستبداد، في ظل قانون يفصله على المقاس..ولا معنى بعدها لصب اللّوم على الحاكم المستبدّ، لأنه مجرّد نِتاج لبنية اجتماعيّة تُعيد إنتاج التّسلّط والاستبداد، ولولا الأخير لَمَا كان الأوَّل!

المستبد لا يمكنه الإستمرار بإستبداده إلا عند توفر شرطين، شعب خانع ذليل يجد في الإستبداد حلا لمشكلاته، والثاني أن يضع يده بيد قوة عظمى يتكيء عليها، وتوفر له مقبولية في المجتمع الدولي، الذي عليه أن يقتنع أن الشهب الذي يحكمه المستبد، ليس مؤهلا بعد لدولة ديمقراطية رشيدة.

فتنة تشرين ورعاعها الذين جاءوا من قاع المدينة، وبشخوصها النتنة ومنهجهم التدميري، ولأنهم أتباع مخلصين لسفارة الشر الأمركي، سيقودون البلاد الى أن تقبل بمستبد على المقاس الأمريكي، لكن الرعاع الذين يشكلون العصب الرئيس لفتنة تشرين،هم بالواقع أولئك الذين يقعون على هامش المدينة والمدنية، وأصولهم متعددة مدينية وقروية، ولهذا، فهم في حراكهم، شكلوا بنية من الانحطاط الثقافي والسلوكي والعمل المنبوذ، وكلما عاش المجتمع أزمات اقتصادية واستبداداً سلطوياً زاد من همجية هذه الفئات.

كلام قبل السلام:  الرعاع فئات اجتماعية، تظهر في كل العصور والأزمان، بيد أنها لم تشكل في يوم من الأيام، فئة مهيمنة وعياً وسلوكاً.

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك