المقالات

على ماذا تراهن امريكا لابقاء قواتها بالعراق؟


 

محمود الهاشمي ||

 

لا يمر اسبوع دون ان نسمع تصريحا لمسؤول امريكي بشان بقاء او جلاء قواتهم من العراق بدء من الرئيس ترامب وصولا الى وزير الخارجية بومبيو كما لا يمر يوم دون ان نسمع او نقرأ بيانا او تصريحا لنائب او رئيس كتلة سياسية بالعراق بشان القوات الاجنبية فيما "الصامت" الوحيد هو "الحكومة العراقية"!!.

لاشك ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان اطلع المسؤولين الامريكان واعضاء الكونغرس خلال زيارة التفاوض الى واشنطن على هذا الملف وابلغهم بالتفاصيل، الامريكان من جهتهم يدركون جيدا ان المعادلة السياسية بالعراق لا تحكمها الاملاءات الخارجية بقدر ما يمليه الواقع لذا اكتفوا بالقول ان "قواتنا ستخرج من العراق على مدى ثلاثة اعوام وقد شرعوا باخلاء الموقع الثامن  في منطقة التاجي الذي يضم 2000 جندي من التحالف".

رغم الانسحاب المتواصل من (٨)مواقع خلال اقل من عام فان ما بقي من المقياس العسكري لا يساوي شيئا، اعلى رقم تم الاعلان عنه عن عدد القوات الاجنبية المتبقية في العراق هو( 5000) جندي لما كان عددهم قبل عام (2011) (150000) الف جندي ما عدا الشركات الامنية وغيرها، والسؤال: ماذا يعني ان تسحب (5000 )جندي على مدى ( ٣) اعوام، ؟

لا شك انها مجرد مناورة سياسية اكثر مما هي حقيقية!!.

كانت "ضربات" المقاومة تستهدف فقط المواقع العسكرية التي يتواجد بها الجنود الاميركان، اما الان الاستهداف يشمل قوافل الدعم اللوجستي القادمة من الكويت او من موقع لاخر كما يشمل رشقات الصواريخ على السفارة الامريكية نفسها.

نصب مضادات جوية  قرب السفارة الامريكية ببغداد تمثل "خيبة" كبيرة لامريكا لانها دليل اهتزاز وجودها وانخفاض شعبيتها ليس لدى العراقيين انما لدى بلدان  الشرق الاوسط عموما،وربما العالم ايضا.

تحاول امريكا ان تراهن على الامور الاتية:

١- رفع منسوب العمليات الارهابية ضد مواقع الحشد الشعبي والقوات الامنية الاخرى.

٢- دفع المزيد من الارهابيين المتواجدين في سوريا باتجاه الاراضي العراقية والتنسيق مع الحواضن للقيام بالعمليات الارهابية.

٣-استخدام الاعلام ولو عبر المنظمات الدولية للضغط على العراق كما صرح نائب الامين العام للامم المتحدة بان هناك عشرة الاف داعشي يتنقلون بين سوريا والعراق.

٤- الاستفادة من تشكيل الحكومة الجديدة لما فيها من عناصر تعاهدت معهم على خدمتها.

٥- الاستفادة من القيادات التي صنعتها المنظمات الامريكية العاملة في العراق بتاجيج الشارع.

٦- الدفع بالقوات التركية داخل الاراضي العراقية للضغط على الواقع الامني والاجتماعي في البلد.

٧- الدفع بالحكومة العراقية باتجاه الدول المرتبطة بامريكا مثل الاردن ومصر ودول الخليج لابعاده عن العمق الايراني.

٨- الضغط على حكومة الكاظمي لاجراء تغييرات ادارية في الوزارات و المناصب الامنية محصورة  بكتل قريبة من الكاظمي.

٩- محاولة خلق توازن ضد المقاومة عبر الاعلان عن تشكيلات متخصصة بالاغتيالات وتدريبهم خارج العراق كما حدد عددهم الشيخ قيس الخزعلي ب(23)مجموعة وهؤلاء تدربوا على اغتيال شخصيات بفصائل المقاومة وشيوخ العشائر وغيرهم.

١٠- محاولة اجراء ترتيبات واجراءات سواء عبر صناعة قانون انتخابات جديد او عبر استخدام الهويات والاجهزة الالية بما يؤمن فوز حكومة امريكية حتى وان حافظت على عناوينها الطائفية او العرقية اي "شيعي امريكي" "كردي امريكي" "تركماني امريكي" وهكذا ...

هذه الاجراءات الامريكية لم تعد كافية لتامين التواجد الامريكي على قلة عدد الجنود، فقد باتت امريكا غريبة هي وجنودها و سفارتها بالعراق بعد حادثة اغتيال "ابطال النصر "حيث كان خطأً استراتيجيا لامريكا لانه صنع واقعا "صعبا" بالعراق، وحكومة "شبحية" لا يمكن لاحد ان يتكهن ردود الفعل، فيما شخصية الكاظمي ومستشاريه وكابينته واصدقائه في حيرة من امرهم واراؤهم شتات وباتوا في دائرة الاتهام.

الولايات المتحدة تريد ان تخرج من منطقة الشرق الاوسط عموما، ما عادت تحتمل الضربات ولا المفاجآت، ولا الانفاق الكبير، فقد اعلنت التفاوض مع "طالبان" في افغانستان وكذلك شددت على ضرورة خروجها من الصومال، وان الاعداد القليلة لجيوشها في العراق وسوريا غير قادر على حماية مصالحها ومخططاتها اذاً تفكر الان:

١- التفاهم مع تركيا لان ترعى مصالحها في المنطقة مقابل توفير فرص لها للحصول على مصادر الطاقة في العراق وسوريا والبحر الابيض المتوسط وبحر ايجه وليبيا ، وفعلا باشرت تركيا بنشر قواتها في هذه المناطق واعلن اردوغان عن العمل على استعادة "الوطن الازرق" الحدود السابقة للدولة العثمانية التي تشمل شواطئ افريقيا واليونان وقبرص و بحر ايجه و بلاد الشام الخ...

توزيع القوات التركية والطموح التركي اصطدم بامور كثيرة منها الذاكرة السيئة للشعوب التي كانت واقعة تحت الاستعمار العثماني تسمى هذه المرحلة من التاريخ "الفترة المظلمة" كما اصطدمت باوروبا التي وقفت مع اليونان ضدها كما قال رئيس وزراء تركيا السابق داوود اوغلو "اردوغان يلعب بالنار".

خاصة وان تركيا لا تملك اقتصادا متينا يساعدها بهذه المهمة ولا تقوى ان تنهض في مثل هكذا مشروع دون تمويل كبير، فامريكا تعاني من ازمة اقتصادية و اوروبا خصم لها، والعرب غير مرحبين بها، وعلاقتها مع دول الخليج قلقة.

نعتقد ان امريكا لا يمكن لها ان تضمن مصالحها دون ان تتفاهم مع ايران وهذا الامر مكلف عليها، حيث ان الشروط الايرانية لا تبقي لامريكا واصدقائها الا ما يُلحس من "الاناء" بعد ان تحملت وزر حصار دام (41) عاما ، كابدت ما كابدت فيه، ناهيك ان عمق ايران تعدى حدودها حيث باتت تشكل قطبا موازيا مع الصين و قوة اقتصادها، وروسيا  وقوة اسلحتها، والمقاومة و شراستها، فيما بدات امريكا ينزاح عنها اصدقاؤها الغربيون الواحد تلو الاخر. اما دول الخليج  فقد تكون وديعة عند اسرائيل الى حين !!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك