المقالات

لماذا فرنسا وليس ألمانيا؟

1476 2020-09-03

ضحى الخالدي||

 

·        لماذا فرنسا و ليس ألمانيا؟ بين نشيد المرسيلييز ومحركات كارل بنز

·        مقاربة من الضفة الثانية للدور الفرنسي الجديد في الشرق الأوسط

   قد نستغرب إستبعاد ألمانيا الدولة الغنية القوية من رعاية المصالح الغربية في الشرق الأوسط.  ألمانيا التي  تحتل مخابراتها المرتبة الخامسة في التغلغل داخل الساحة العراقية حسب بعض التقديرات الإستخبارية, و هو رقم صعب إذا ما اعتبرنا سيطرة مخابرات (الولايات المتحدة، إسرائيل، بريطانيا، إيران) تشمل المراتب الأربعة الأولى, فهي تجاوزت تأثير روسيا, و لعبت على وتر التأثيرات المجتمعية من خلال الاندكاك بالفئات الشابة للمجتمع و توجيهها بما يخدم المصلحة المشتركة لكبار اللاعبين.

لكن ذلك لم يشفع لها, و لم يشفع لها الأصل الألماني لعائلة روتشيلد, و لا كونها مهد البروتستانتية, و أن ثلث سكانها من البروتستانت, و ثلثها من الكاثوليك,على العكس من فرنسا الكاثوليكية بنسبة 88%, و لم يشفع لها إنتشار الإلحاد و اللادينية في صفوف المذهبين المسيحيين في ألمانيا بنسبة تجاوزت 60%, و لم يشفع لها طلب وِد دعاة السامية لعقود بعد الحرب العالمية الثانية. فهي لا تزال تدفع ثمن سياسات هتلر, و ثمن رغبة شعبها بمغادرة القوات الأميركية لقواعدها على الأراضي الألمانية.

فما الذي جمع الصهاينة و البروتستانت الإنجليكانيين مع فرنسا الكاثوليكية؟

في فرنسا  يقع المحفل الماسوني الأخطر في العالم؛ و هو أخطر حتى من المحفل الإسكوتلاندي و المحفل الأميركي، و الإيطالي. و هنا لا أرغب بالإدعاء أن ألمانيا حمامة سلام في شرق العالم و غربه.

التحالف الفرنسي مع الصهاينة هو تحالف العَلمانيين و الحاقدين على الكنيسة؛ ورثة الماسونيين الأوائل و عرّابي الثورة الفرنسية و إن كانوا من خلفيات و أصول كاثوليكية.

تمثل ألمانيا خطورة على التحالف الأنجليكاني- الصهيوني لأنها أمة منتجة, حتى أن أزمة الأعوام ٢٠٠٧-٢٠١٠ الإقتصادية لم تهزها بسبب طبيعة اقتصادها المعتمد على التصنيع و التعليم الفني، على العكس من استثمار المملكة المتحدة و فرنسا في البنى التحتية و الخدمات, و إستثمار الولايات المتحدة في سوق الأوراق المالية, مما أسرع بانهيار اقتصادات هذه الدول. هذا هو ما يخيف أميركا و الحلف الصهيوني رغم كل محاولات ألمانيا لتطييب خاطر أنصار السامية, بغض النظر عن تأريخ الحروب بين المعسكرين خلال المئة و خمسين عاماً الأخيرة, و التي استعرت منذ نهضة بروسيا الصناعية و العسكرية. بل إن بروسيا ذاتها كانت دولةً بروتستانتية, بعد حروب مذهبية طاحنة عصفت لقرنين بالولايات الألمانية. و كان اليسوعيون (طائفة من الكاثوليك) يوصفون بالخبث بين سطر و آخر في رواية الجبل السحري لكاتب بروسيا الأبرز الماسوني (توماس مان). و هذا لا يعني عدم وجود كاثوليك ماسونيين, فالماسونية تضم حتى المسلمين.

تجربة السوق الإجتماعي التي تبناها المستشار الألماني الأسبق كونراد أديناور (1949-1963) و استوردها من (بريطانيا الثلاثينيات) بعد أزمة عام 1929 الإقتصادية؛ هي التي ارتقت بالإقتصاد الألماني (سوق حر تشرف عليه الدولة و تضبط إيقاعه لحماية الطبقات الفقيرة) و هو سلوك بدأت الصين بتطبيقه مؤخراً تحت غلاف الإشتراكية الصينية الجديدة، و أنتج طبقة متوسطة واسعة في الصين.

كاثوليكية ثلث ألمانيا لا تشكل تهديداً بقدر كاثوليكية إيطاليا أو فرنسا أو إسپانيا لأنها دول تابعة للسياسة الأميركية و مرهَقة إقتصادياً, فقد كان مجرد التخلي عن دعم روما أبان الموجة الأولى من جائحة COVID-19 كافياً لتوجيه ضربة قاصمة لها و لاقتصادها. ليس التهديد نابعاً من دول تبلغ نسبة العجز المالي و الدين السيادي 160% من إجمالي الناتج المحلي, فهذه لعبة الغرب المفضلة. إنما التهديد في العقول المنتجة و المستقلة, و التي تصنع دولاً قوية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك