المقالات

مكرون وماكرون !!!

1648 2020-09-03

 

سعد الزبيدي||

 

للحديث عن دور فرنسا في المنطقة يجرنا الحديث عن الاستعمار الحديث وبصورة موجزة نستشف التالي :-

بعد انسحاب المستعمر نتيجة الخسائر البشرية الكبيرة التي يتكبدها نتيجة الاستعمار المباشر عمدت قوى التكبر والاستعمار لفتح المجال أمام انتصار بعض الثورات حيث تم الاتفاق على تسليم البلدان إلى نوعين من الأنظمة وهما الانظمة العسكرية والانظمة الملكية وماشبها والجميع يدين بالولاء لتلك الدولة المستعمرات أو تلك .

وبعد أن تم تسويق مبدأ الثورة ضد المستعمر وتوطيد حكم العسكر والملوك تم الاتفاق على تقسيم مناطق النفوذ مع التخطيط لزرع الكيان الصهيوني لتدمير وتفتيت الامة العربية ومابين بريطانيبن وفرنسيين وايطاليين وبرتغال تم توزيع الحصص ثم سمح لتقاسم جديد ظاهري مابين قوتين أمريكا والإتحاد السوفياتي .

وهكذا لاحظنا أن الدول التي أصبحت ملكية كانت تجاهر بالولاء للمعسكر الأمريكي وتمتعت بنوع من الإستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بينما الدول العسكرية كانت تسير جنبا إلى جنب مع المعسكر الاشتراكي وكانت تعاني من اصطرابات ومشاكل امنية واقتصادية ثم سرعان ما انهار هذا المعسكر لتدخل الدول الحليفة له بحالة تخبط نتج عنها الربيع العربي الذي تلى الاحتلال الأمريكي للعراق ومع تصدير الحرية والديمقراطية تهاوت الأنظمة العسكرية لندخل مرحلة الفوضى الكبرى التي من خلالها سيتم إعادة ترتيب الادوار والاوراق وسيعود الاستعمار بقناع جديد .

وهكذا يعود الاستعمار من جديد ويصبح الوطن العربي مسرحا للتدخلات الاقليمية والدولية وساحة صراعات يدفع ثمنها الشعب العربي.

وبعد فشل الحكومات التي وصلت عن طريق صناديق الاقتراع المزورة عم الفساد واختفى المعنى الحقيقي للدولة حيث أصبحت هذه الدول تعيش زمن السلطة فكانت هناك دويلات كثيرة في كل دولة تحاول ان تبتلع الدولة الأم وأصبحت الشعوب تتمنى ان يعود الاستعمار ليحكمها بدل الحكام الفاسدين .

وهكذا يتم التدخل الشرعي بحجة مساعدة لبنان بشرط انهاء الفساد وشروط أخرى اهدافها مكشوفة لخدمة الكيان الصهيوني حيث لابد من تسليم سلاح حزب الله ولابد من تحجيم الدور الايراني ويصرح ماكرون انه سوف يلغي المساعدات اذا لم يتم تطبيق كل شروطه مستغلا الحاجة الماسة والظروف الصعب الذي يمر به لبنان نتيجة تهاوي وتراجع سعر البيرة والاقتصاد المنهار بسبب وباء كرونا ونتائج تفجير المرفأ.

ومثلما صرح في لبنان جاء للعراق وهو يحمل رسائل من الاتحاد الاوربي والامم المتحدة موجهة لقادة الشيعة بتنفيذ الاوامر والا فإن تدويل القضية العراقية بات وشيكا .في نفس الوقت هو يدعي انه سيعمل على دعم حكومة الكاظمي لاستعادة سيادة العراق .

وفعلا أن العراق يعاني من انتهاك للسيادة فتركيا تحتل الشمال والكويت تغتصب المياه الاقليمية وهناك تدخلات في القرار السياسي من قوى عربية واقليمية ودولية وهناك صراع بين واشنطن وطهران .

فما المغزى من زيارة ماكرون ؟!!!

هنا في العراق حيث الوضع أصبح شائك جدا فإن زيارة ماكرون لها دلائل كثيرة منها أن ماكرون جاء ليقول أن الوضع في العراق لايختلف عن الوضع في لبنان وان الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي والشعبي الذي يمر به العراق يسمح للدول العظمى التدخل لفرض اراداتها والتهديد أصبح اسهل مما كان عليه سابقا والتلويح بتدويل القضية العراقية بات وشيكا اذا لم يتم ما مطلوب من سياسي الشيعة على وجه الخصوص اولها حل الحشد الشعبي وثانيا الموافقة على التطبيع مع الكيان الصهيوني والموافقة على مبدأ الشركة في الحكم .

وهناك رسالة واضحة لسياسيي الشيعة انها الفرصة الأخيرة والا سيتم استخدام كل الأساليب لتسقيطهم اما باللجوء لحرب شيعية شيعية.او تحريك الدواعش أو تحول المظاهرات إلى مصادمات مسلحة أو استخدام الأزمات وملفات الطاقة والعاطلين وسوء الخدمات لتحريك الشارع العراقي .

من جانب آخر كلنا يعلم أن فرنسا في حالةحرب غير معلنة مع تركيا بدأت بوادرها في ليبيا حيث أن كلا الدولتين تدعمان جهتين متقاتلتين وهناك حرب حول التنقيب عن الغاز والنفط في الأبيض المتوسط .

وفرنسا تريد أن تستعرض عضلاتها بادعائها حماية السيادة العراقية وتبعث رسائل تهديد للتوغل التركي شمال العراق ولذلك هي تريد أن تدعو لمؤتمر عالمي لاعادة السيادة للبنان والعراق وهناك أهداف أخرى أن فرنسا تحمل رسائل الاتحاد الاوربي الذي لا يريد للعراق أن يكون أفغانستان ثانية عراقاوآمنا يستطيع أن يفتح ذراعيه الشركات الفرنسية والاوربية للعمل بمنتهى الحرية والأمان في العراق ويريد عراقا اكثر امنا واستقرارا حرا كامل السيادة والاسنتلال في قراره السيادي لا يكون تابعا لتدخلات اقليمية أو مهدد من قبل حركات متطرفة خارجة عن القانون لذلك صرح ماكرون انه سيعمل لمساعدة العراق لاستعادة هيبة الدولة بفرض القانون وحصر السلاح بيد الدولة واستقلالية القرار السياسي وتشجيع العراق على اتباع سياسة النأي بالنفس عن سياسة المحاور وضرورة إيجاد مصارحة ومصالحة حقيقية لمد جسور الثقة بين مكونات الشعب وردم الخلافات التي عصفت بالبلد والقضاء على الفساد والتطرف.

إن التعامل مع فرنسا سيكون اسهلا في نظر الكثيرين لما تتمتع به هذه الدولة من علاقات طيبة مع العراق خاصة والعرب عامة وعلاقاتها الطيبة مع الجمهورية الإسلامية .

ففرنسا كانت من الدول التي ساهمت في بناء النهضة الصناعية والاقتصادي في العراق في سبعينيان القرن المنصرم وساهمت في بناء الكثير من المصانع في العراق وساهمت في كثير من مجالات الاقتصاد وكان العراق يعتمد اعتمادا كبيرا على السلاح الفرنسي وخاصة في مجال الطيران العسكري وفرنسا رفضت أن تشارك في احتلال العراق ولكنها اشتركت مع دول التحالف لمساعدة العراق في حربه مع داعش .

يبقى السؤال الاهم هل جاءت أمريكا للبحث عن أسلحة الدمار الشامل ومنحنا الديمقراطية ؟

وهل جاءت فرنسا للاهداف المعلومة أعلاه ؟

الجواب :- كلا أن من يؤمن أنه ليس للوطن أصدقاء بل للوطن مصالح.

لذلك يجب أن تنطلق في تحليلنا لزيارة مكرون أن هذه الدول تبحث عن مصالحها ولذلك ستستغل هذه الدول أية حجة للفوز بغنيمة .

للاسف الشديد أصبح العراق من الضعف يتحكم به كل من هب ودب .

فسيادته منتهكة منذ 2003 ومن كل الجهات الشمال والجنوب والشرق والغرب.

والوضع فيه من سيء إلى أسوء نتيجة فشل النظام السياسي والمنظومة السياسية وسوء الادارة وعدم التخطيط والفساد والصراع على السلطة والعمالة والخيانة والجبن وانعدام الولاء للعراق وغياب هيبة الدولة وعدم وجود نية حقيقية لايجاد حلول جذرية لمشاكل ولملفات تتراكم يوما بعد يوم .

فمتى سيعي السياسي العراقي إن التعامل مع الدول يحب أن ينطلق من البحث عن مصالح مشتركة تصب في مصلحة الوطن والمواطن ولا تصب في مصلحة رصيد السياسي وحزبه ؟!!!

*الكاتب المحلل السياسي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك