المقالات

يوم الحرية العالمي


  علياء الانصاري||   اعتدنا – كغيرنا على هذه الارض – أن نحتفل بأيام محددة في السنة بمناسبات متعددة، وضعتها لنا الأمم المتحدة أو الاعراف الدولية كمناسبات عالمية، مثل: (اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، اليوم العالمي للطفل، اليوم العالمي للتسامح، اليوم العالمي للمعوقين...)، إحياء لأشخاص أو أحداث يعتقد أولئك انها مهمة ولها دور في حياة الإنسانية، فخلّدوها تقديرا وإكراما لها وجعلوا العالم يحتفي بها. وهي من محاولات الانسان المتعددة لتلبية رغبة الخلود في داخله، ذلك الخلود الذي يسعى كل إنسان إليه بطريقة وبأخرى حسب رؤيته للحياة. وطالما تساءلت مع نفسي: (لماذا لا توجد مناسبات خاصة بنا نحن المسلمون، أن نحتفي بأشخاص أو أحداث ساهمت في صناعة تأريخنا أو صياغة فكرنا، وتكون أياما لتخليدهم وندعو العالم ليحتفي بهم كما الاعياد العالمية)، أي بعبارة أخرى: نتحول من أمة مستهلكة للأفكار الجاهزة ومتلقية للثقافات الاخرى الى أمة منتجة للأفكار وصانعة للاحداث، أمة مبادرة للأبداع. وأعتقد أن موسم عاشوراء من أثرى المواسم الفكرية القادرة على رفد الفكر الانساني بالابداع وتسويقه الى العالم فيما إذا عرفنا كيف نوظف النهضة الحسينية لتحقيق هذه الغاية، وتحويل شعائر عاشوراء الى طقوس عالمية يحتفي بها العالم كمناسبة دولية، تخصص لها الامم المتحدة يوما في تقويمها! أيشق علينا ذلك؟! فمثلا: يوم الحب! يعلو ضجيجه كل عام ليحيي ذكرى شخصان تحبا وتزوجا رغم أعراف دينهما. فأين هذا من شخصيات النهضة الحسينية ومفاهيمها؟!! لماذا خلال هذه الحقب الزمنية المتلاحقة، لم نقو على ترويج النهضة الحسينية للعالم فيما استطاع الفرنسيون – مثلا – التسويق لثورتهم!! لماذا لا يكون يوم عفو رسول الله (ص) عن قريش عند فتح مكة بعد كل الذي فعلته به وبالمسلمين، يوما للتسامح العالمي؟! لماذا لا يكون يوم استشهاد الامام الحسين عليه السلام، يوم الحرية العالمي! فمن أهم أهداف نهضته المباركة، ان يكون الناس أحرارا في دنياهم، لا يستعبدهم فكرٌ أو رغبةٌ أو طمعٌ أو أنسانٌ. فهو يوم عالمي لكل من أراد ان يكون حراً بغض النظر عن دينه: (ان لم تكونوا مسلمين فكونوا أحراراً في دنياكم). هو يوم الحرية العالمية لكل البشر، لكل اولئك الذين يرفضون الاستعباد والخضوع لأي إله يريد أن يصادر حقهم في الحياة، أو حقهم في التعبير عن أنفسهم، أو يقضي على أحلامهم أو يصلب إرادتهم. أعتقد أننا قادرون على ذلك، فيما إذا فهمنا الحسين عليه السلام حق المعرفة، وعرفنا كيف نقدمه للعالم بشكل حضاري، فهو ليس إماما لطائفة معينة أو مذهبا ما، بل هو إمام للإنسانية برمتها، هو مصلح ومفكر وثائر وعاشق ومناضل ومضحي. فهل توجد شخصية عالمية يحتفي بها العالم تختزن كل هذه الصفات كالحسين عليه السلام؟! ألسنا بحاجة الى إعادة النظر في أدواتنا ومناهجنا لإحياء ذكرى النهضة الحسينية بما يناسب فكر الحسين عليه السلام وأهداف نهضته وفلسفتها؟! وهي جزء من محاولاتنا لخلود ذكراه عليه السلام في أذهان العالم. هل نحن قادرون على ذلك؟ . . من كتاب (حوارات لم يسمع بها التأريخ) / مقالات فكرية في النهضة الحسينية 2011 - 2014 / علياء الانصاري.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك