المقالات

فرق كبير بيننا وبين أهل البغاء

1322 2020-08-29

أمل هاني الياسري||

 

أهم ما يميز حياة العرب في الجاهلية، أنها كانت حياة حربية تقوم على الغزو، والأخذ بالثأر، وفيها القوي يأكل الضعيف، وكأنها شريعة تصطبغ بصبغة دينية مقدسة في نظرهم، وعندما جاء النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله) بدينه الجديد، ملأ قلوب الناس أدباً، وخلقاً، وتواضعاً، وصدقاً، ورحمة، وهذا ما لم ترتضيه النفوس الطاغية، التي تسيدت قريش بجبروتها وطغيانها، فما كان منهم إلا إستعمال إرهاب قبلي تجاه المستضعفين الأوائل، الذين وجدوا في الإسلام المساواة، والعدل، والإنسانية.

القرون تمضي وتضاريس الأرض تتبدل عقداً بعد آخر، ولكن هناك أرض خالدة، لم ولن يستطيع أحد تغييرها بترابها، وطقوسها، وشخصياتها، ومواقفها، ومبادئها، ونتائجها، ولو علمت البشرية السر العظيم في خلود هذه الأرض، لغرقوا في الأجر جزاء المحن حين عاشها أصحاب قضية كربلاء المقدسة، نعم إنها أرض نينوى قديماً، قضية نكون أو لا نكون، مقابل إرهاب يزيدي فاسق وزمرته، التي لا تفقه من الإسلام إلا إسمه، ومن القرآن إلا رسمه، ولا تريد نسيان آفات مجتمعها الجاهلي.

ورد في الكافي للكليني(ج 1 ص 473) قول الإمام الصادق عليه السلام:(إني لأدعو لشيعتنا في اليوم والليلة ألف مرة، لأنما نحن فيما ينوبنا من الرزايا، نصبر على ما نعلم من الثواب، وهم يصبرون على ما لا يعلمون)، فكيف بمَنْ حمل قضية كربلاء، وسار في ركب الحسين (عليه السلام)، رغم معرفتهم بحجم الإرهاب الأموي الذي سيواجهونه، ومقدار العنف اللفظي، والإجتماعي، والجسدي، في محاولة بائسة للنيل من عزيمة الثلة المؤمنة المجاهدة، التي كتبت بدمائها قصة إنتصار الدم على السيف.

عندما يتجدد نداء محرم في كل عام، تتجدد معه حروف كربلاء التي ننطقها بصرخة مدوية، وغيرنا يكتبها بخبث ويفهمها بحقد، فنقدم خلال أيامه الطاهرة قرابين الشهادة، حيث يتلون سواد الغاضرية بدماء الموالين للقضية الحسينية، فوالله ما رأيت شيئاً يتعلق بكربلاء، إلا وكان الجمال الإلهي متركزاً فيها، لترسم أسباب ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وفضح شخصية يزيد عليه اللعنة، وكشف القناع عن قبح أفعال العدو الإرهابية، والتي توضحت آثارها اليوم في الممارسات البشعة، لعصابات داعش التكفيرية.

شاءت الإرادة الإلهية أن يحمل البيت العلوي أمانة بقاء الدين ولو كره الكافرون، وإستطاعوا مع ذكرى كربلاء تغيير الواقع، وإفشال المخطط الأموي الإرهابي، لمحو وتشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف، والمشروع الرسالي الذي يتجدد مع العاشر من محرم الحرام، في أن الأمة ستخسر إذا ولَّت أمرها مَنْ لا يستحق، فكربلاء صنعت بالدم نصراً آجلاً، وشاملاً، وخالداً، رغم أنها رحلة منوعة بشتى صنوف العذاب والقسوة، ضد رجل رأسه كان يريد طلب الإصلاح في أمة جده.

كربلاء يوماً بعد آخر تؤكد أنها ثورة إنسانية عالمية، تعلم الإجيال على مختلف مشاربهم، بأن يحسنوا الصنع في أوطانهم وبناء الإنسان، ويجعلوا من حريتهم هدفهم الأول، كما أنها وثيقة إدانة على همجية العدو، لذا نحن مدعوون لتغطية حقيقة ما يجري من مراسيم، وطقوس، وخدمات، ومنابر، ومواعظ، ورسائل سلام، لأننا نشعر بالثقة في صناعة المستقبل المفعم بالكرامة، حتى وإن حاول الأعداء وضع الإرهاب بمختلف مسمياته أمامنا، ونقول لهم: نحن كثيرون حول قضية الشعائر، لأننا حسينيون وننتصر.

اليوم وفي ظل جائحة كورونا، تلتزم اغلب التجمعات الحسينية بالتعليمات الصادرة عن اللجنة الوطنية للصحة والسلامة، ونراهم ملتزمين بوضع الكمامات، واستمرار حملات التعقيم طيلة مدة إقامة المجالس العاشورائية، وفي الجانب الآخر نجد بعض التافهين، ممَنْ يشوهون صور الشعائر المقدسة، ولكن هيهات أن ينالوا منها، فها هي الشوارع، والأزقة، والمدن تحتضن عشاق الحسين، وأتباعه أعطوا فأعطتهم الحياة كل شيء، الشهادة، والعظمة، والخلود؛ لأن نوعية العطاء هي التي تحقق الإنتصار، وعليه فالفرق كبير جداً بين الثرى والثريا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك