المقالات

العقل المدجن والشخصية المطيعة  

1563 2020-08-18

✍️سرى العبيدي ||

 

تُعرف الشخصية المُطيعة بشكل عام بانها شخصية موالية للشخص المُطاع بالمُطلَق، وهي شخصية ارتكاسية انهزامية في الأغلب تعظم الولاء بعد الطاعة كقيمة مجتمعية إنسانية وتقدّمه بشكل تلقائي يرفض بعده الفرد أي بديل للأفكار أو الأشخاص بانحياز شَرس لا يقبل فيه أي دعوة لفِكر جديد حيث لا بَديل لديه لأي شيء فكرة كانت أم شخص، حتى في العلاقات الإجتماعية أو في القضايا الشخصية نجد الفرد مكبلاً يقاوم التغيير وبدء حياة بفِكر جديد يتطلع الى مستقبل افضل .

حينما  احتلت امريكا العراق عام ٢٠٠٣  وبمساندة من مجاميع لهم مقاصد سلطوية ومادية فلم يكن الاحتلال هو تحرير العراق بل هو بناء الشخصية المطيعة الموالية للسلطة الجديدة وتدجينها  وهنا لابد من تأكيد هذه المسألةوقولبتها بمسارها الاجتماعي والديني .

  وعندما فرض المحتل من يتولى قيادة  حكومة العراق من السلطات السياسية وبمساندة الاحزاب الدينية الجديدة ظهرت للعيان ثقافة من نوع جديد هي ثقافة الخضوع والاذلال والطاعة والولاء الاعمى التى تشربتها هذه المجاميع السلطوية السياسية والدينية عندما كانت  تعيش  في دول الغرب حالة  الاغتراب .

  وهذه الثقافة عملت على تطويق كل شيء في المجتمع العراقي  ضمن اطر وقوالب جامدةتدخل في خدمة السلطة الحاكمةوباساليب القمع الممنهج والتخويف والترهيب والترغيبوالتأليف.

 وعندما اعتلت  هذه المجاميع المناصب السلطوية واستحوذت على المؤسسات الحكومية والاجتماعية اختارت قيمة الطاعة من بين القيم الثقافية التي تغرسها في نفوس العراقيين   باعتبارها قيمة اخلاقية

  وضرورة إيديولوجية تجسد علاقة الإنسان بالإنسان والإنسان بالنظام السياسي وبالسلطة الدينية بكل تجاوزاتهم حيث تعتبر الطاعة هي الحالة المثالية والحل الاصلح لنجاح هذه العلاقات ووسيلة للسيطرة على الافراد والتي ترى في الفِكر الناقد بانه فكر هدام  ينم عن  روح  سلبية وأهداف مَشبوهة بحجة التغيير المنشود  .واتهام من تحرر منهم بالجوكري والعميل والخائن وووووو.

ولكي  تبجل الطاعة فلابد من  فرض الرقابة  الإجتماعية والدينية والسياسية  وتحريم النقد بحرية حينها يزداد التشدُّد والتطرّف بالآراء والإنحياز لشخص أو لفِكرة او لممارسة ما سواء كانت  إجتماعية او سياسية أو دينية، لتتحول لمنظومة مُتكاملة أقرب ما تكون بين ثقافة العصا  أو الترهيب المُمارس بقمع اقتصادي وفكري حيث يُحرَم الفرد المواطن من كل شيء ضروري لاستمرار حياته ليكون آلة قابلة للبَرمجة والعيش في روتين لا أُفُق للمستقبل فيه. وبالتالي تحول المواطن العراقي بدوره لقامع ذاتي لنفسه وأفكاره التي تمنحه الخوف لمجرد فكرة التأمل في الواقع المرير من حوله بفعل  القمع والكبت والإرهاب وادانته.

وبالنتيجة تعود  الناس  عبر سنوات الاحتلال المريرة ومنذ اكثر من ١٦عاماً عجاف صفة التطرف  في تأليه الأشخاص وتقديسهم  وكذلك تمجيد العادات والممارسات السلوكية حتى وان كانت مشينة خوفاً من العقاب من جهة، ووسيلة لكسب رضاالاشخاص   المتسلطين من جهة أخرى وضمانة للعيش بأقل الخسائر، فيقوم المواطن  بنبذ أي فكرة تُعارِض تصوّراتهم وتحيدهم عن الطاعة ، بل ويعتبرها البعض مُوَجَّهة شخصياً لهم وطعناً في وَلائِهم للنموذج السلطوي الشمولي سواء السياسي او الديني .

 وفي النتيجة  اصبح المواطن القليل الوعي والادراك يتصرف وفق فكر مدجن وهو فكر منحاز و قاصر وفاقد للقدرة على  النقد والمعارضة والاحتواء والانفتاح على الاخر واي نهج او ملمح جديد للتغيير .

 وهذا هو النموذج الجديد في العراق بعد الاحتلال والذي يخدم الحكومات المتعاقبة ونظامها السياسي الفوضوي في المؤسسات الحكومية و الدينية وبهذا الفكر المدجن يساهم الفرد بشكل مباشر باستمرار تسلط هذه الجماعات الحاكمة وفرض ارادتها على ارادة الشعب وممارستها دور الشرطي و الرقيب الدائم على أي تغيير ملحوظ في فكر وسلوك الفرد اذا تعارض مع مخططاتها واهدافها التسلطية .

اذاً فان اقدام الولايات المتحدة على احتلال العراق وبمساندة الجماعات ذات الاغراض السلطوية والنفوس الشرهة والعقول المريضة ليس لاجل ازاحة نظام سياسي فقط بل لاجل تدجين فكري وتطويع نفسي للشعب وخاصة فئة الجهلة واصحاب النفوس الدنيئة والعقول البليدة لتحقيق استراتيجية عدوانية بعيدة المدى .

ونسوا ان العراق غير الذي وصفه لهم اعوانهم والمتعاونين معهم نسوا  انه جينات فاعلة واحدة لا تقبل القسمة على اثنين.

حفظ الله العراق وشعبه  والخزي والعار لكل من باع اهله وشعبه لمجد شخصي او حزبي .

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك