المقالات

أمريكا وإيران وأمن الخليج  


د . جواد الهنداوي||

 

             سفير سابق / ر . المركز العربي الاوربي

             للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل .

            ٢٠٢٠/٨/٥ .

           مشهدٌ جديد للموضوع ،عنوان المقال ، ويسمح

باستنتاجات تستحق التوقف والتحليل و رسم السياسة و اتخاذ المواقف .

اللقاء ،عبر الفديو كونفرس ،بين وزير خارجية ايران و وزير خارجية ابو ظبي ، بتاريخ ٢٠٢٠/٨/٢ ، هو منْ بين اسباب كتابة الموضوع . يشّكلُ اللقاء موقف ايجابي آخر و محطة مُريحة اخرى في مسيرة العلاقة السياسية المتوترة بين البلديّن ، و التي بدأت بالتّحسن منذ ان بعثت ابو ظبي في العام الماضي وفداً سياسياً رفيع المستوى الى طهران للتداول في التعاون في الامور الملاحية والبحرية ، و تعزّز مسار التحسّن  ،على اثر جانحة كورونا وتبادل المساعدات و التعاون بين البلدين .

         تعاملت ايران مع دول الخليج بصبرٍ و ترّوي ، و تعّول على الزمن في تليين مواقف بعض دول الخليج ، ولم تترددْ في تكرار رغبتها و ترحيبها بعلاقات ودْ و تفاهم و تعاون مع المملكة العربية السعودية . نجحت  ايران في بناء علاقات إيجابية مع كل من قطر والكويت و عُمان ، و تنظمُ اليوم الامارات الى مسيرة الدول الخليجية المتفاهمة مع ايران . للموقف الإماراتي تجاه ايران حساباته و استنتاجاته . فما هي ؟

         بين الامارات و المملكة العربية السعودية مواقف سياسية مشتركة ،كلاهما يقودان حرب اليمن ،وكلاهما ، يتبنيّان سياسة جديدة تجاه اسرائيل ، و الامارات تتخصّصْ بمضيّها علناً  نحو التطبيع . و لكلاهما  كذلك مواقف سياسية حذرة و تصريحات عدائية تجاه ايران ، و تتميّز  الامارات ايضاً بتعاون اقتصادي رسمي و غير رسمي مع ايران .

       استبعدُ اي تنسيقٌ مُسبقْ في الترتيب او لاحق في النتائج بين الامارات و المملكة بخصوص اللقاء بين السيد ظريف و نظيره الإماراتي ، لن يقود التفاهم او التعاون الإماراتي الإيراني الى انفتاح سعودي إيراني  ،لكنه سيعزّز الحضور والدور الإيراني في أمن الخليج و المنطقة .

       الامارات تواجه الآن خصماً ،غريب و بعيد عن جغرافية و ساحة الخليج ، وهو تركيا ، وبينهما (واقصد بين الامارات و تركيا )، ماهو أعمق و ابعد من تصريحات عدائية و مواقف سياسية ، بينهما صراع أيدلوجي ، موضوعه العقيدة والحركة الإخوانية ، و بينهما ايضاً اشتباك ميداني ، و ساحته ليبيا واليمن و أفريقيا .

      لعلَ الامارات ادركت الآن ضرورة الاتكال على قوة إقليمية حاضرة و فاعلة في المنطقة ، و تتنافس ،كما ذكرنا في مقالات سابقة ،ثلاث قوى ( ايران ،تركيا ، اسرائيل ) على التأثير و النفوذ والهيمنة في المنطقة ، و لم يكْ للأمارات خيار آخر غير ايران كقوة حاضرة و فاعلة في المنطقة ،و خاصة بعدما تبيّن ضعف و هشاشة الكيان الاسرائيلي و الذي هو طرف دخيل على المنطقة و بحاجة الى حماية و طمآنة على وجوده . لا ينبغي و لا يمكن لاي دولة خليجية الاعتماد ،في سلامة ارضيها و حفظ أمنها ، على اسرائيل ، ففاقد الشئ لا يعطيه .

      سياسة ايران بصور عامة و خاصة تجاه دول الخليج و المنطقة قائمة على الصبر و النفس الطويل و النفوذ السياسي و الدبلوماسي ، وهادفة لطمآنه هذه الدول و كسب ثقتها و ودّها ، ولكن لم تخفْ ايران دورها العسكري و دعمها لحماس والجهاد الإسلامي من اجل نصرة الشعب الفلسطيني و مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ،و لم تخفْ ايران دعمها العسكري لسوريا لمحاربة الإرهاب ودعم الدولة والمحافظة على سيادة و وحدة الأراضي السورية ، ولم تتستر ايران على دورها العسكري في العراق من اجل محاربة الإرهاب . سبب الوجود العسكري التركي في قطر هو حماية الدولة من ايّ تهديد خارجي ، وسبب الاحتلال التركي لجزء من الأراضي العراقية و جزء من الأراضي السورية هو لضرورات الامن القومي التركي ،كما ان تواجد القوات التركية في ليبيا - حسب ما صرّحَ به الرئيس اوردغان -هو لحماية المصالح التركية . اقصدُ مِنْ ذكر ما تقدّم من حقائق ، هو ان السّنة السائدة في المنطقة هو : اعتماد حركات المقاومة والتحرير في المنطقة على ايران في دعمها و إسنادها ، و احتماء بعض دول المنطقة  بقوى إقليمية ، و انتهاك لسيادة بعضها ومن قِبلْ قوى إقليمية ( تركيا و اسرائيل ) او عالمية ( امريكا في سوريا ) .

      لم يعُدْ النموذج الامريكي للحماية و الدفاع صالحاً او كافياً لبعض دول المنطقة ،لانعدام الثقة و لشراهة وابتزاز وسوقيّة التعامل الامريكي . امام دول الخليج و دول المنطقة فرصة حقيقية لبناء شبكة أمان و استقرار و استقلال سياسي وتكامل اقتصادي كفيل بتعزيز الثقة و ترسيخ العلاقات .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك