المقالات

منارات بصرية..  


عباس قاسم المرياني ||

 

منارة من منارات البصرة الباقية، واسطورة من اساطيرها الخالدة، رجل يصعب وصفه، فهو المجاهد والأب العطوف، اجتمعت الخصال في شخصه، فصاغ لنا قصة تروى للاجيال، كان يعشق الشهادة ويردد دائماً:"سيكرمني الله الشهادة، ولن يكون موتي عاديّاً، فلديّ ثقة بالله سبحانه أنّه سيكرمني ذلك"، انه جمال جعفر آل إبراهيم التميمي ابو مهدي المهندس، ولد سنة 1954م في البصرة، وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية سنة 1977م، وشهادة الماجستير في العلوم السياسية، واكمل الدكتوراه في الاختصاص نفسه، وتلقى دروسه في الحوزة العلمية لفترات، ترك العراق سنة ١٩٨٠م بسبب انتمائه لحزب الدعوة الإسلامية وملاحقة النظام السابق له.

ومما ينقل عنه من الذين رافقوه في حرب داعش انه كان في قمة التواضع، فيقول تعلّمنا منه التواضع والجلوس على الأرض والتراب، ونتوسّده للراحة، وعندما يقوم بجولات تفقّديّة للمجاهدين لا يقبل ركوب السيّارات المصفّحة، فيقول: أنا لا أصعد في سيّارة مصفّحة، بل أريد سيّارة عاديّة، واثناء تناول وجبات الطعام في بعض المقرات يقوم بأعداد الطعام بنفسه للمجاهدين، وكان يطيل الصلاة والدعاء، وعندما نسأله عن سبب الإطالة يقول: "كنتُ أدعو لكم"!

ويذكر احد الاخوة من ابناء السنة "كنتُ على موعدٍ لأوّل لقاء بالحاج أبو مهدي في بغداد، بعد دخول داعش واحتلالهم مناطقَنا، اعتقدت أنّه سيأتي بموكبٍ كبير يضمّ عشرات السيّارات، واذا به يأتي بسيّارة بسيطة نوع كورولّا وحيداً ودون حماية.

فضلاً عن ذلك كان الشهيد المهندس رحمه الله حاذقاً في اختيار الأشخاص لقيادة العمليات المهمة، ففي الحصار على مصفى بيجي أردنا فتح طريق شارع بغداد–الموصل، وكان الدواعش يغلقونه متحصنين، والحاج أبو مهدي موجوداً معنا في المصفى، وبعدما أكمل صلاته، قال: "ألم تُحلّ القضية بعد؟"، فكان الجواب: "لا"، فارسل في طلب أبو نورس احد الابطال الشجعان، فقال له: ابو نورس خلصنا من هذه القضية، وفعلاً، أخذ أبو نورس مجموعة من جماعته، وبوقت قصير أعلنوا عن فتح الطريق بعد سيطرتهم على عدد من الدواعش واخذ اسلحتهم.

وفي أحد الأيّام، دعاه أحد الأشخاص إلى وجبة عشاء، واحتراماً للحاج أبو مهدي، قدّم هذا الشخص الكثير من أصناف الطعام، فما كان من الحاج أبو مهدي إلّا أن قال له: "لا يجوز أن نأكل هذا الطعام كلّه والكثير من الناس في حالة جوع وحصار، وبعض الناس من إخواننا السنّة تحت سيطرة داعش لا تجد شيئاً لتأكله".

هكذا كان قائد الانتصارات، يجود بنفسه والجود بالنفس اقصى غاية الجودِ، فنال ما تمنّى، وتوشح بالشهادة التي كان يطلبها، ويبقى نموذج يحتذى بهِ من ابناء العراق عموماً، وابناء البصرة خصوصاً، رحمه الله واسكنه فسيح جنانه.

 

          •        بعض الاقتباسات من موقع دار الولاية للثقافة والاعلام

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك