المقالات

خرافة الدولة العراقية  

1549 2020-07-14

عباس العطار ||

 

يُشيد الكثير بالتجربة الملكية ويعدها من إشراقات الدولة العراقية في تطبيق النموذج الديمقراطي، ويعجب آخرون بانموذج عبد الكريم قاسم كونه انهى حقبة التسلط الملكي، في حين يقول بعض المؤرخون ان حكومة الاخوين سلام وعبد الرحمن عارف محطة تمهيدية لتولي حزب البعث زمام الحكم في العراق.. ذلك الحزب الذي بدأ مرحلته الأولى الى ترسيخ جذور الفكر البعثي العروبي، و اقصاء القوى والتيارات الفكرية الأخرى، وهذه هي معتقدات الحزب وأدبياته وجذره الفكري الاقصائي الهادف الى تبعيث الامة العراقية والعربية، مجسدا اياها في شعاره المعروف " امة عربية واحدة ... ذات رسالة خالدة" وأهدافه المعلنة " وحدة .. حرية .. اشتراكية ".

هذا السرد التاريخي مدخل يبين خرافة الدولة العراقية بحسب مزاعم المؤرخين ممن كتب التاريخ بلسان السلطات، وهو جواب لغير الأمناء ممن كتب التاريخ وكان سبباً رئيساً في خداع الأجيال.

وهنا نود الاحتكام الى فرضيتين:

الأولى تقول: لو كان للعراق دولة لما هذا الصراع الدامي المستمر؟

الفرضية الثانية تقول: لو كان هناك دولة حقا لانتقلت السلطة سلمياً دون قتل وثقافة السحل في الموروث الانقلابي.

اذا نحن امام واقع ولسنا بحاجة الى إيضاح أكثر مما تثبته الوقائع التاريخية.

يُستَخلص من هذا ان هذه النماذج بايجابياتها او سلبياتها هي أقرب الى مؤسسة سلطة وليس مؤسسة دولة.

وان يحتج أحد ويقول كان هناك دولة ودستور وانتخابات ايام الحكم الملكي: سيقول قائل ان كل الحكومات المتتالية فيها دستور وانتخابات شكلية ايضا.. حتى حزب البعث المعروف بمنهجيته الديكتاتورية كان له دستور وانتخابات .. لكن هذه نماذج او شكل من أشكال هيمنة المتسلطين لا ترقى الى مستوى الدولة.

اما تجربة ما بعد ٢٠٠٣ فهذه لا يصح ان يطبق عليها الفرضيتان، وان طبقت مبدأ التداول السلمي للسلطة وانتخابات تشريعية، لكنها نموذج سيء ولد مشوهاً خالي من قواعد واساسيات الديمقراطية، مع غياب النوايا والدافعية عند الأحزاب السياسية الى تأسيس دولة مؤسسات أساسها المواطنة لا المكونات التي تسببت بخراب البلد وافلسته بين فسادها وفشلها.

يبقى الأمل معقود بمن يطالب بالتغيير السلمي، معتمدا على مشروع قانون الانتخابات الجديد، الذي اعتمد الدوائر المتعددة والانتخاب الفردي، قد يكون منتجا لطبقة سياسية جدسدة، ممكن ان تقدم نموذج صحي يؤسس للدولة على أساس المواطنة، مشروطا بمشاركة انتخابية واسعة وواعية، تدفع بالكفاءات الوطنية المستقلة الى ادارة الحكم حتى تتمكن من معالجة الملفات السياسية الداخلية وبناء العلاقات الدولية على وفق التوازن المطلوب، مع ادارة علمية للملفات الاقتصادية والخدماتية بشكل مهني بعيد عن السياسة وتدخلاتها.

 

A.G.alattar

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك