ارتبطت حياتنا بوجود الشيطان منذ اللحظة التي رفض فيها ان يسجد لادم (ع) ذلك السجود التكريمي الذي امره الله تعالى به وكنتيجة لهذا التحدي والاستكبار جاء الطرد من رحمة الله عقابا ً لهذا التمرد وليزيد الشيطان بغضا ً لغريمه حيث تعهد للانسانية بالغواية واستثنى المخلصين من عباده
منذ تلك اللحظة وضع الشيطان برنامجه العملي مع ابناء ادم وسعى سعيه لتنفيذ ما اقسم عليه ومن وحي ايات الله عز وجل في قرانه الكريم تتضح بعض الخطوات وحيلها لذلك العدو وقبل ذلك اتى النهي صارخا ً في الايات ان ( لا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ) ووصفه بالمبين اي الواضح فيه دلائل ان العدو هدفه معروف وطرقه مشار اليها في كتاب الله فبمقدار من الوعي والايمان والحنكة الانسانية يصبح كيده ضعيفا ً .
نعم ان الشيطان وصف بالعدو ذو القدرة ووصف ايضا بأن كيده ضعيف فالأمر راجع للنوافذ التي سيفتحها الانسان لدخوله والخطوة التي سيخطواها تجاهنا وهي كالاتي :
الخطوة الاولى ( الوسوسة ) وفيها يمر الشيطان على الانسان كخاطرة رديئة وصوت ضئيل ليلقي عليه فكرة ويذهب تاركا ً للانسان حرية الاختيار فإن فعل أثم والا فمجرد الخاطرة لا يترتب عليها اثر , قال تعالى ( فوسوس لهما الشيطان ل .....)
الخطوة الثانية ( الغواية ) بمعنى الضلال واتباع الهوى وهنا يمكث الشيطان للانسان ولايغادره حتى ينفذ الخطيئة وحينها على الانسان الاعتراف والاستغفار من الذنب ومحاولة تصحيح ذلك المسار الخاطىء وهذا حال الاغلبية منا ما خلا الخاصة , قال تعالى ( ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاويين ) .
الخطوة الثالثة ( القرين) بمعنى المصاحب وهنا تطول ملازمة الشيطان للانسان وكلما زادت المدة زادت القدرة فكيد الشيطان ضعيف مازال يراوح في الخطوة الاولى والثانية اما اذا انتقل الى الثالثة بانت قدرته وسيطرته وربما يتبادر الى اذهاننا ما العمل الذي يصدر عن الانسان ليصل لهذه المرحلة والعياذ بالله ومن الايات القرانية يتضح ان المرائي والبخيل عن دفع الزكاة المفروضة هم من ينحطون لهذه الدرجة كذلك الغافل عن ذكر الله قال تعالى ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين )
هنا لم يعد الشيطان ضيافا ً خبيثاً بل عقد شراكه مع الانسان بموجب المصاحبة ومن هذه الخطوة تصبح العودة اصعب الا من رحم الله .
الخطوة الرابعة ( الحزب ) الشيطان ذلك العدو المبين لن يكتفي بالشراكة بل سيتجاوزها الى الاستحواذ والامرة على الانسان ويصل الانسان الى هذه المرحلة حينما ينسى ذكر الله فيتجاوز الغفلة المؤقتة الى النسيان قال تعالى ( استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون ) والاية نزلت في المنافقين فالنفاق مؤشر لبلوغ هذا الانحطاط وفي هذه المرحلة لن يكن للانسان خيار فك الشراكة كما في المرحلة السابقة بل انه سيكون اسيرا ً مأمورا ً .
الخطوة الخامسة ( الكفر ) وهي المحطة الاخيرة والهدف الذي يسعى له الشيطان قال تعالى ( كمثل الشيطان اذا قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني برىء منك اني اخاف الله رب العالمين )
وهذه الخطوة لايفاجىء بها الشيطان الانسان مالم يمر به في المراحل الاربعة وصولا ً للاستحواذ وسلب الارادة والعياذ بالله .
ان جهل الانسان يكمن في ثقته وركونه الى نفسه من انه قادر على العودة الى ساحة العبودية متى اراد مهما غرس اقدامه في عمق الخطيئة والحال انه لايدرك مدى فن العدو في تكبيله والاستحواذ عليه وتبقى رحمة الله واسعة وشاملة حيث بين لنا الخطى وبين هدف العدو وثغرات النفس التي سيدخل منها فمتى تربصنا به كما يتربص بنا ضعف كيده وقلت حيلته وحاشى لله ان يخلقنا اضعف من ان ننتصر عليه ولكن خلق لنا نفسا ً قابلة للتكامل قادرة على استلهام قوتها من ايمانها لتنتصر بتوفيق من الله .
نعيش في ايام نرى فيها مصاديق لاناس لايسمعون ولايعون ويزداد خوفنا ان نكون منهم او على طريقهم لا سامح الله ولا ملجأ الا لله ليرحمنا ويلهمنا القوة والارادة والبصيرة لمواجهة ذلك العدو المبين ويمن علينا بفرج المخلَص الذي دحض الشيطان وكسر شوكته فالامة تنتظره باستعداد وشوق .
المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha