المقالات

امن الدولة... وامن المعلومات!!  


مازن صاحب ||

 

اعتادت الدول التقليدية على تحديد الاطار التطبيقي لامنها من خلال وسائل الامن المباشرة لكن مع تطور تقنية الاتصال والتحول إلى نموذج من الامن الجماعي ..سبقت الدول المزودة بخدمات الاتصال لتلك الدول المستهلكة لهذه الخدمات في مجال فرض الامن على تقنيات الاتصال داخل الدول.

أبسط مثال على ذلك حقوق النشر في مواقع التواصل الاجتماعي التي تقع تحت سيطرة الشركات المجهزة للخدمة والتي أصلا تخضع لمعايير دولة المنشأ الأصلي أو التاسيس بما يجعل بقية الدول مجرد شعوب مستهلكة ... وهناك اكثر من عنوان للحديث عن امن الدولة في مواجهة تحديات الحروب الناعمة التي ابتكرها جوزيف ناي كدلالة على قدرة التحكم في المحتوى وهناك أساليب للإخراج وانماط لتسيير تسويق ما يعرف اليوم بالفبركة العميقة التي تصل الى تزييف حتى الفيديو التسجيلي بالصوت والصورة .

السؤال المطروح للنقاش في هذا المقال ..كيف حافظت الدول على امنها الاتصالي ومن ثم سيطرت على تدفق المعلومات ؟؟

هناك العديد من الوسائل التنفيذية لعل ابرزها :

أولا : نموذج الشراكة مع المصدر

ولعل مصر واسرائيل من ابرز الشركاء في الشرق الأوسط مع كبريات الشركات متعددة الجنسيات المسيطرة على سوق المعلومات الدولي وقدرة كل منهما على الشراكة في تقنيات الأقمار الصناعية منحهما حقوقا في تسويق منتجات تلك الشركات وخدماتها مثل غوغل والفيسبوك وتويتر .. فيما كثير من الدول تحاول الآن الامساك بقطار الانتاج السلعي المتزايد وتقع كل من السعودية والامارات العربية المتحدة في مقدمة الدول ناهيك عن تركيا ومحاولات أيرانية تواجه ضغط العقوبات الأمريكية .

ثانيا : نموذج التامين الوطني .

يقوم هذا النموذج على شراء الخدمة الدولية واعادة إنتاجها ببوابات عبور وطنية .. ومعمول به في أغلب دول العالم ومنها الشرق الأوسط .. الا أن العراق لم ينجح به من خلال إعادة إنتاج حكومي لخدمات الكيبل الضوئي واكتفت جميع الحكومات على بيع هذه الخدمة لشركات من القطاع الخاص ولم تتحكم في بوابات العبور التي يفترض أن يظهر تاثيرها على مستخدمي الاتصالات في العراق ولم تظهر أي حالات تقدم نوعي في جودة الاتصالات ..ففي حين تتجه المنطقة إلى استخدام الجيل الخامس من نظام الاتصال الدولي ما زال العراق يرواح في الجيل الثالث مع تردي معروف في خدمات الاتصالات لذات الشركات وفق الفارق بين ما تقدمه شركة زين في دول الخليج العربي وبين ما تقدمه في العراق وهذا ينطبق على بقية الشركات بما في ذلك شركات تزويد خدمة الانترنت .

ثالثا : نموذج حوكمة إدارة قطاع الاتصالات

ربما بتعجب البعض أن السلطة الفلسطينية تعمل بهذا النموذج وهي تحت الاحتلال الاسرائيلي وتجبر كل من الشركات الفلسطينية على ضبط أعمالها وفق معايير الجودة الشاملة كحلول ناجعة لعدم قدرة التاثير على الشركات الاسرائيلية مزودة الخدمة ولان السوق عرض وطلب .. تضطر الشركات الاسرائيلية إلى الاستجابة .

لكن في مفاسد المحاصصة العراقية لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من فرض حتى هذا النموذج الاضعف !!

كل ما تقدم يجيب على عنوان المقال .. فالحديث عن امن الدولة في ظل فقدان السيطرة المهنية المحترفة على سوق الاتصالات في عراق اليوم يجعل خدمة تداول المعلومات في أسوأ حالة تقنية وخارج سيطرة الدولة فمجرد تكوين بريد الكتروني على رقم اجنبي .. اوروبي أو أمريكي ..تفقد سلطة المراقبة  أي حقوق الا بالرجوع إلى برتوكولات النشر .. وهي حالة ما زالت غير متعارف عليها حكوميا فيتم الاستعاضة عن ذلك بالرجوع إلى برتوكولات الشركة المزودة للخدمة ..وهي شركات غير عراقية !!

لذلك اكرر القول باهمية أن لا الخطابات الحزبية المتشنجة على مواقع التواصل الاجتماعي وكروبات المحادثة بصخب الحديث عن ما بعد العولمة أو الخطاب السياسي والديني خارج نطاق مواثيق حقوق الانسان .. او ما يتم تداوله من ملفات الفساد والاتهامات المتبادلة ...فكل ذلك في سجلات الشركات الأم وهي اما اسرائيلية أو أمريكية أو اوروبية ..فعن أي امن يتحدثون والجميع يسوق خطابه من برتوكولات غير عراقية بامتياز ... هكذا هي العولمة وهكذا هو فشل مفاسد المحاصصة في بناء دولة تتمتع بالحد الأدنى من قدرات الحفاظ على امن معلوماتها ...

ولله في خلقه شؤون!!!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك