المقالات

ألواح طينية؛ الدهاء شعرة تفصل بين الغباء والذكاء..!  

1808 2020-06-30

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||

 

بدءا لابد من التمييز بين معنى مفردتي "الذكاء" و"الدهاء"، إذ غالبا ما يحصل خلط بين المفردتين، فيعتقد كثيرين أن الدهاء فرع من الذكاء، والحال غير ذلك قطعا!

الذكاء يعني سرعة تصور المعاني الغامضة، وسهولة نفوذ الفكر إلى المقاصد الخفية، بمعنى أدق أن الذكاء نتاج البصيرة النافذة، لكن إستخدام الذكاء في غير موضعه، بلا بصيرة لعواقب الأمور، وبتصور أن هذا من الدهاء وجودة الرأي، التي تمكن السياسي من أن يدير نظاما بالمشي في خطوط متعرجةً، فإذا اعترضته عقبة كؤود؛ وقف في حيرة أو رجع على عقبه يائسا!

الأذكياء هم من يميزون بشكل واضح، بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع، بعكس الأغبياء الذين لا يميزون بين واقعهم وإمكانياتهم، فتلازمهم نشوة المكابرة والعناد، ولا يوجد إنسان ذكي بالفطرة، أو غبي بالسليقة، فكلا الصفتين فينا جميعا، ويتعين علينا إذا كنا نتمتلك العقل ونستطيع "تشغيله" على نحو سليم..أن ننحي الغباء وننمي الذكاء..

ولأن السياسي كائن عاقل؛ فمن الطبيعي أن يتصف بإحدى هاتين الصفتين، فإما أن يكون سياسياً ذكيا،ً يتعامل مع واقعه بعقلانية وفطنة وبصيرة، وإما أن يكون غبياً ويتصرف بغبائه ليدمر كل ما حوله، فقط لشعوره بأنه بات قادرا على فعل المستحيل.

من أهم أشكال الغباء السياسي العناد والمكابرة تحت عنوان الدهاء السياسي؛ الذي أدى الى عدم الاكتراث بالواقع وحقائقه، والرفض الدائم بتشدد ودون منطق مقبول، وعدم قبول الحوار وسماع الآخر.

 لذلك تجد أن معظم مَن يدعون الدهاء السياسي، يتصفون بالغباء السياسي؛ وينتهجون طريقة العناد والمكابرة، ينتهي بهم الأمر إلى الهلاك. معظم ما نراه اليوم في واقعنا السياسي العراقي، يمتاز بالمكابرة والعناد، وعدم قبول الآخر واستخدام سياسة القوة والبطش بالخصوم، وتسقيطهم سياسيا، وأحداث الفوضى التي نراها اليوم بشكل غير مسبوق، وفقاً لمبدأ “أنا ومن بعدي للطوفان”، الأمر الذي أبعدنا عن بناء دولة المؤسسات، ودمر اقتصادها وتاريخها ومؤسساتها.

المحصلة أن الداهية يسير في خط منحن أو منكسر، ولا يبالي بطول المسافة لإدراك الغاية المطلوبة، ومن لم ينظر في الشأن العام بفكر ثاقب، ضاعت من بين يديه كثير من المصالح، ووقع في شراك الخداع والتظليل الذاتي.

السياسة فنون، ولا بدّ للدهاء في عمل السياسي، والبراعة في كل فن، تكون على حسب الأخذ بمبادئه، والتدرب في مسالكه، فهذا عسكري خبير بسياسة الحرب، لكن بصيرته في السياسة المدنية عشواء، وآخر يدير القضايا الداخلية في أحكم نسق، لكنك إذا دفعته لخوض الشأن الخارجي، ضاقت عليه مسالك الرأي، وربما جنح إلى السلم، فيما الحرب أشرف عاقبة، أو أَذّن بحرب، بينما الصلح أقرب إلى مصلحة الوطن.

لا يملك مزية الدهاء في السياسة، إلا من كان في استطاعته كتم عقده النفسية؛ من غضب وسرور ومودّة وبغضاء، و

ما جرى من قيام جهاز مكافحة الإرهاب، بمداهمة مقر رسمي للحشد الشعبي، وإعتقال مجموعة من المجاهدين هناك، بأوامر من سلطة تسير بخط متعرج، أمر بعيد جدا عن الذكاء، وهو أقرب الى الغباء، لأنه تصرف إفتقر الى شعرة الدهاء، فكشف بشكل مبكر عن نوايا غبية، تضمرها السلطة تجاه الحشد الشعبي، مع أنه أحد أجهزتها، ولولاه ما قامت الدولة، ولن تقوم في قادم الأيام والسنين..!

كلام قبل السلام: أحكم ما قالته العرب هو لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:

ولــربـمــا اخـتـزن الـكـريـم لـسـانـه            حـــذر الــجــواب و إنــه لـمـُـفـَـوَّه

ولربـمـا ابـتـسـم الــوقــور مــن الأذى         وفـــؤاده مــن حـــره يــَــتـَـــأوَّه

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك