المقالات

ألواح طينية.. إنتصار "الترترية"..!  

1927 2020-06-15

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.co ||

 

قبل عام 2014، حينما غزى الجراد الداعشي العراق، لم نكن قد عشنا بعد، ظاهرة "الإعلام الزيغي" التي نعيشها اليوم، ولكي نكون اكثر دقة وتحديدا، فإن هذه الظاهرة الشديدة الخطورة وجدت لها بيئة حاضنة، في الفترة التي تولى فيها السيد العبادي رئاسة الوزراء..قبلها لم نكن نعرف مصطلحات مثل (الجيوش الأليكترونية) أو (الذباب الأليكتروني)، وهي "ظواهر" الزيغ  الإعلامي..نعم كان التسقيط السياسي المتبادل موجودا، ولكنه ليس بهذه الوقاخة والكثافة!

ما الذي حدث؟! وكيف نمت طحالب الإعلام الطفيلي، ومن نماها ورعاها وتعهدها وأنفق عليها؟!

من باب الإنصاف ورد الشيء لإصوله، فإن حكومة العبادي لم تكن هي التي بدأت؛ بصناعة ظاهرة "الزيغ الإعلامي" وهي ظاهرة سنقارب تعريفها بعد قليل، لكن تلك الحكومة الأمريكية الهوى، وجدت أن سفارة وقنصليات "الحبايب" في بغداد والبصرة وأربيل؛ قد قطعت شوطا واسعا في هذا المجال، فتناغمت مع مخرجاتها، ووظفتها لصالحها، وها نحن نعيش نتائجها الكارثية.. 

إذا ما سحبنا مصطلح "الزيغ الإعلامي" ومخرجه "الإعلام الزيغي" على الوعي المجتمعي العام، فإنه يمثل تلك الصور الزائفة المشوهة المظللة المشوشة، المثقلة بالأكاذيب والسرابية، والتي تستخدم وسائل لا أخلاقية؛ في بناء وعي مجتمعي مُظَلَل!

"الزيغ الإعلامي" يشبه الى حد كبير"الزيغ البصري" الذي يعني إحلال صورة مزيفة، مكان الصورة الحقيقية، عندما يكون منبع الإضاءة متعدد الألوان، فتظهر على الخيال مجموعة من التشوهات اللونية، بسبب التبديد اللوني للعناصر الضوئية.

صحيح أن التعدد يثري البنية الثقافية والمجتمعية، ويعزز بهاء ألوان الفضاء الإعلامي، إلا أن التنمر والتشدد في الرأي والمصادرة على الآخر، ومحاولات الاستقطاب، أمر يعمل على شيوع ظاهرة "الزيغ" في الوعي الجمعي، التي تنتج صورة عاكسة مشوهة!

لقد كانت النتيجة كارثية بكل المقاييس، وها نحن نحصد نتائجها، أطنان من الأكاذيب، ومئلت الآلاف من الصور المشوهة، وأباطيل لا تعد ولا تحصى، حلت محل الحقائق المؤكدة، لتصنع وعيا زائِفا مُزيَفَا مُزيِفا، ويتحول كل شيء حولنا الى شك، حتى لو كان يقينا مبرما..

ست سنوات كاملة كانت سفارة الشر وتوابعها؛ تعمل بلا كلل على هذا المسار، وخلال تلك السنوات كانت الحكومة وبغباء مفرط، تتعاطى بإيجابية مع هذا النشاط الهدام، تحت عناوين التعدد والديمقراطية، بل كانت تقمع وبقوة؛ أي محاولة واعية لمقاومة الكارثة، وهكذا تحول الأنقياء الى "ذيول"، والمجاهدين الى "عملاء"، والحشد الشعبي الى مجاميع منفلتة، والأصدقاء الذين وقفوا معنا في محنتنا مع داعش، الى "طامعين" بثروتنا وكأنهم بلد جياع!

الإعلام النظيف؛ يعتمد على مدخلات ثقافية وعقائدية وقيمية وسياسية وإنسانية، تتجمع في بؤرة الوعي العام، تجمع اللون في العدسة، التي تنشر صورا مضيئة بألوان أو صور من تلك المدخلات، في تجانس يخلق نوعا من الجمال العاكس، أما إذا ما كانت المدخلات متناحرة الألوان؛ كان الانعكاس زائفا مشوها.

"ابطال" هذه القصة وأدواتها القذرة لتزييف الوعي، بات علينا أن نحترمها، وأسماء مثل"دكمة" و"عكروكة" و"حسوني الوسخ"، تشغل اليوم مساحتها من وعينا المُزَيَف،  بل ونستقبل "الترترية" في مجلس النواب..وحتى مرجعيات دينية محترمة وصفتهم بالمنتفضين والثوار، ثم ما لبث هؤلاء أن تحولوا الى "ناشطين مجتمعيين"؛ ولاحقا الى "ناشطين سياسيين"، وهاهم شركاء سياسيين، ومستشارين رسميين وفي أعلى المقامات!

كلام قبل السلام: نتذكر هنا قوله جل في علاه" مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى"  النجم ـ17.

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك