المقالات

يوم إنطفأ حريق الخارطة..!  


عمار محمد طيب العراقي ||

 

يوم العاشر من حزيران 2014، أي قبل فتوى الجهاد الكفائي بـ ٣ ايام ، صدرت مجلة (تايم) القريبة من مصادر القرار الامريكية، وهي تحمل صورة لغلافها، عبارة عن خارطة العراق وهي تحترق من جميع جوانبها..الحريق كان أكثر من جهة الحدود العراقية السورية، ومكتوب على الخارطة وبحروف بارزة (THE END OF IRAQ (..(نهاية العراق)..

كان من الواضح وأنت تطالع الغلاف، أنه لا يعبر عن رؤية إعلامية مهنية، أو عن فذلكة دعائية بغية الإنتشار، بقدر ما كان يعبر عن "موقف"ممالي لما حدث، وحين تقرأ ما مكتوب في داخل العدد، تكتشف أن الأمر لم يقف عند حد الممالاة، بل كان يتبنى رؤية أمريكية رسمية، لتقسيم العراق الى ثلاث دول!

دولة العراق السني، الذي رأت المجلة أن يجب أن يضم محافظات الموصل وتكريت والأنبار وأجزاء من محافظات ديالى وكركوك وبابل، ويجب أن تكون عاصمتها بغداد، لأنها ستكون بيد المنتصر الذي هو تنظيم دولة العراق الإسلامية، هكذا أسمته المجلة..

دولة كردستان تقول المجلة؛ ستضم محافظات الأقليم الكوردي الثلاث الحالية، وأجزاء من محافظات كركوك وتكريت والموصل وديالى وواسط، وجزء صغير من شمال محافظة ميسان!

دولة العراق الجنوبي ستحتاج الى فترة تأهيل؛ لعدم خبرة سكانها بالحكم، ويتعين أن تكون تحت وصاية الأمم المتحدة، برعاية أمريكية مباشرة!

الخلاصة هي أن مخطط بايدن لتقسيم العراق، قد شُرع بتنفيذه، وأن داعش ليست إلا أحد أدوات تنفيذ هذا المخطط، كما اعترف الرئيس الأمريكي أوباما لاحقا، وكما أكدته وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون!

الحكومة العراقية طلبت معونة أمريكية؛ وفقا للإلتزامات الأمريكية بموجب المعاهدة الأمنية بين الطرفين، فرد الرئيس الأمريكي اوباما مباشرة، إنها حرب أهلية لا شأن لنا بها، وسنبقى نترقب الأوضاع، ونتدخل بالوقت المناسب..أي فقط عندما يكتمل إحتراق الخارطة!

على الأرض كانت الحقائق تسير بشكل متسارع، كانت الصورة قاتمة جدا، داعش يطرق أسوار بغداد التي عُزلت تقريبا، قذائف الهاون باتت تصل الى الكاظمية المقدسة، غرب شمالها حي الشعلة على وشك السقوط، ابو غريب صارت داعشية تماما، جنوب غرب بغداد قُطِعَ عن الفرات الأوسط، جنوب شرق بغداد ومقتربات الصويرة الشمالية شهدت سيطرة الدواعش..لم يتبق أمام بغداد إلا ان تمد رقبتها للذبح!

لقد كان مخططا رهيبا سقطت بموجبه الموصل، التي أجبر الأمريكي العراقيين أن يضعوا خزينهم الإستراتيجي من الأعتدة والأسلحة فيها، والتي بلغت كلفتها مليارات الدولارات، لتصبح تحت يد الدواعش الذين لم يكن عديدهم ليزيد عن 500 داعشي، قبالة خمسين ألف من الجيش والشرطة، يقودهم طاقم من الضباط الذين تمتلىء أكتافهم بالنجوم والتيجان والسيوف، لكنهم أنهزموا أمام هذا العدد الضئيل من الدواعش، في سابقة لم تحدث من قبل؛ في تاريخ جميع جيوش العالم!

سراعا في الأيام التالية، كان أكثر من ثلث العراق تحت أقدام الدواعش!

في اليوم الرابع عشر من حزيران، أي بعد ثلاثة أيام، تغيرت البوصلة تماما، تيقن المخلصين أن النصر آت، وأن مخطط التقسيم سوف لن ينفذ وأن أمريكا لن تفرح أبدا، لقد ركب آلاف الشباب الشاحنات ، متوجهين الى جبهات القتال ملبين للفتوى، وكان منظرا لم يحدث قبل ذلك اليوم في أي مكان في العالم، فقد كان الجيش يودع الشعب ليقاتل نيابة عنه!

كان يوما إشتعل رأس العراق فيه شيباً من الخيانة، فإفتداه المجاهدين الأُوَل، أصحاب الباع والخبرة والبصر والبصيرة، منادين لبيك ياعراق، كان المهندس في الطليعة بشيبته الحبيبة، وتزاحم أبناء جنوب الله الوفي السكك، برؤوس لا تشيب أفعالها...ركضوا يوم عاشوراء من المنحر لقبر الحسين في ركضة طويريج. وهرولوا يوم الفتوى من قبر الحسين للمنحر، وبين هذه وتلك، لا معلم غيرَ الحسين وكربلاء، ولا تلميذ مجتهد حفظ الدرس غير حشد الله المقدس..إنها مدرسة الحسين وطريق كربلاء!

وما هي إلا ايام ويستبق النصر افعال الرجال، وتسارعت هزائم الدواعش ومعهم من أولدوهم، وبقي العراق محفوظا وأنطفأ حريق الخارطة!

لم نكن وحدنا، فقد جائنا أصدقاء من أبناء مدرسة الحسين، زاحمونا على الشهادة منكبا الى منكب، كانوا اوفياء لمدرسة تربوا فيها، ولكننا لم نكن معهم بنفس المقدار من الوفاء، ربما لأن الجحود طبع فينا..فقد تنكر بعضنا حتى لدماء أبناءه..!

شكرا

14/6/2020

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك