المقالات

انعاش الديمقراطية المحتضرة في العراق


 مروج العبيدي||   تخترق مسامعنا كثيرا كلمة حملها التأريخ منطلقا راسخا للتربية والعلم والوعي, ترتقي به المجتمعات الواعية والمدركة لمفهومها والذي يحمل بين طياته اسمى معاني الحرية والعدل والمساواة واحساس الفرد بأهميته السياسية والاقتصادية والاجتماعية دورا وشكلا ومضمونا. تلك هي الديمقراطية…المنقذ الوحيد والمخلص الفعال للبلدان التي عانت من الحكم الاستبدادي على مر الازمان وانهيار وضعها الاقتصادي والصناعي والعمراني والسياسي، والادهى من ذلك كله انهيار اساسها الاجتماعي بين مكونات المجتمع الواحد. وبما ان  الديموقراطية  تمثل حكم الشعب لنفسه بطريقة مباشرة او غير مباشرة كونه اساس الحكم ومصدر السلطات والقانون الذي تخضع له الدولة، لذلك فقد نادت الشعوب التي افتقرت للديمقراطية  بتفعيل مفهومها وضبطه من اجل تقرير المصير، وبالتالي الى تغير السياسات العامة وتداول السلطة سلميا.  فالعراق كان وما يزال اسير السياط , محكوم بالحديد والنار,  احتقنت جراحاته بقيح الظلم والاستبداد والجوع وظلم ابناءه وانتهاك حقوقهم, فلا بد من رؤية حقيقية واسعة المدى تضع العراق نصب عينيها فتغدق عليه من بحر العدالة والحق ما يطفئ  نيران اغلاله، ويمسد جراحاته التي لم تكتب لها يوما ان تبرأ او تسكن. وتلك الرؤية لا يمكن تحقيقها الا من خلال تفعيل دور الديمقراطية الذي  يكاد تطبيقها مفقودا في الدول العربية وخاصة العراق، ولاسيما ابان فترة الاحتلال الامريكي، وسقوطه فريسة التعددية والطائفية والتحزب مما قاده الى تذويب وحدة الكلمة وانشقاق الصف  وانصهار الاشتراكية والوطنية، التي طالما نادى بها في حقب حياته الأليمة, لذلك تعتبر الديمقراطية نظام قابل للمناقشة والاصلاح يشير الى مبدأ سياسي يستمد شرعيته من غالبية اعضاء المجتمع والمكونين للسلطة من خلال حكم الفرد لنفسه بصورة مباشرة او غير مباشرة, وهي ايضا الاكثر امنية واستقرارا بمفهومها النفسي، حيث لا يمكن تحقيق الطمأنينة والحرية الا من خلال الدخول الى مكنونات ودواخل الافراد وتلبية مطالبهم المشروعة بالطريقة التي لا تخالف التقاليد والقيم النبيلة لهذا المجتمع مهما اختلفت الثقافات وتطورت المجتمعات.  ولما للتأريخ العراقي من آثار بالغة خلفتها سنوات التصحر الديمقراطي، مما ادى الى تدهور المجتمع اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، ووفقا للوضع الراهن الذي يعج بالمذهبية والطائفية والذي امتص ما تبقى من قطرات تبتل منها شفاه اللحمة الوطنية, فلابد من واقع ينهض به يجسد العدالة والمساواة في بلد غصت ارضه بفيض الاصالة والعروبة, لتكون نقطة البداية والانطلاقة الغزيرة لمفهوم الديمقراطية، وتفعيل دورها من خلال عدة مقتضيات واساسيات يجب اعتمادها والاخذ بفعاليتها واهميتها منها، وبالدرجة الاساس ممارسة السلطة والسيادة بالشكل الذي يعنيه مفهوم الديمقراطية بحكم الشعب لنفسه, كونها من الثوابت البحتة التي لا يمكن تجاوزها او الاخلال بها عن طريق ممثلين ونواب منتخبين  لسيادة القانون وتوفير العدالة والمساواة, كذلك دعم الوحدة الوطنية وتعزيزها وتوحيد الصفوف والابتعاد عن كل ما يثير الانقسام الاجتماعي ويأجج النعرة الطائفية والعرقية والعنف  من قبل الاطراف السياسية  ورجال الدين، والاستعاضة عنها بالتعاون المتبادل وفقا لمبادئ المواطنة والتعددية , واعادة النظر بالقوانين المغلقة الصدأة, اضافة الى ذلك اقامة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لنشر الوعي القومي والقضاء على شتى مظاهر التخلف العقائدي بين مكونات الشعب، والبدء بحملات توعية جماهيرية شاملة لمواجهة الفساد الاداري والمالي، لتحقيق  الاهداف المنشودة والمعلقة بخيوط الوهم الذي حاكته عناكب الاستبداد والطمع. دعوة لمن انتقاهم الشعب صوتا وروحا وجسدا ليكونوا واقع الحلم الذي غفت عليه عيون اجيال واجيال, ولم تسأم الامل في تحقيقه ..بان يكونوا محط الاهلية والثقة لهذا الشعب البائس, وان يوحدوا الكلمة والصف العراقي الرصين وانقاذ الديمقراطية المحتضرة، وانعاش الحياة فيها؛ سعيا لانجلاء ليل الاستبداد واشراقة شمس الحرية, لأنكم مسؤولون امام الله عن رعيتكم .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك