المقالات

قصة حلوة عن حياة مرة

1107 2020-05-29

هادي جلو مرعي

 

     على غير عادته في مثل هذه الظروف الإستثنائية، وحتى في ظروف العمل في الجامعة خرج الأستاذ بسيارته مع شروق الشمس متوجها الى أحد الأسواق الشعبية القريب من منزله الذي يزوره أحيانا، لكن في وقت مابعد الظهيرة، أو قبيل غروب الشمس لشراء حاجياته، من اللحوم والأسماك والخضار والفواكه واللحوم والخبز، وكانت بغيته هذه المرة، وبينما الشوارع تخلو من المارة والسيارات، وكورونا يحلق فوق المنازل المكللة بالرعب أن يبحث عن نوع من السمك متوسط الحجم، لاهو بالصغير، ولابالكبير، عوان بين ذلك، وكان من طموحه أن يشتري لحم رأس خروف بناءا على رغبة صديق له.

     كان السوق للتو قد فتح للمتبضعين القلائل مع محال فتحت ابوابها، وهي ايضا بعدد أصابع اليد، وكان التعب والنعاس مايزالان يرافقان الباعة، وبعضهم تعلوه كآبة مقنعة بإبتسامة منافقة لجلب الزبائن القليلين في تلك الساعة من النهار، مع الحظر والوباء، وعطلة العيد الرتيبة، وقد سأل عن قصاب، وكان المتوفر محال لبيع لحوم الأبقار، فقرر شراء بعض السمك والبطيخ وأعجبه بصل (حائل) فإبتاع أربعة كيلو غرامات منه، وقد اثار حزنه أنه رأى الإرهاق والنعاس في وجوه الباعة الذين ربما تمنوا لو انهم ظلوا في الفراش، ولم يغادروا منازلهم، لكنها قسوة الحياة، والحاجة الى كسب القوت، كان بائع الخضار مرهقا بعض الشيء، وكانت لحيته كثة، وشعره غير مصفف، بينما شقيقه غير راغب في التعامل مع البطيخ الذي ترنح مع الميزان وهوى على الأرض قبل أن يعيده الى موضعه.

     في سوق شعبي ثان لايبعد كثيرا عن الأول دله الباعة على محل لبيع لحم رأس الخروف، وظل يبحث عنه حتى إهتدى إليه في آخر السوق، وكان محلا باليا الى جواره محال تهاوت من القدم، وهي غير مستغلة، تبدو كقبور قديمة مهملة، تناوشتها عوامل الزمن، وكان بعض النسوة يجلسن ينتظرن أن يجهز لهن البائع رؤوس الخراف بعد أن يضربها بالساطور، وبعد أن تكون وضعت في ماء ساخن، وأزيل عنها الصوف، وتعامل معها بالنار. كان التعب باديا على البائع ومساعديه، وبدت المحال الأخرى متهالكة، والعاملون فيها منهكين، لكنهم يغالبون الإرهاق.

     وضع البائع رأس الخروف مع الأرجل في كيس، وناوله إياه، لكنه لم يع إن صاحبنا الأستاذ غالب دموعه، وتأمل لو أنه لم يصل الى هذه المرتبة، كيف كان سيعالج شؤونه، وماهي المهنة التي كان ممكنا له مزاولتها ليعيش؟ فالناس تعاني كثيرا لتضمن أن تعيش بكرامة، وهي كرامة ليست حقيقية، وقد تكون وهمية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك