المقالات

إيران و فنزويلا والفئران ..!  


✍ مصباح الهمداني ||

 

تعتبر المملكة الأسرية السعودية، ودويلة العائلات الإماراتية، مجرد فئران في ساحة مغلقة، حينما تتصارع الفِيلة، وما نراه من هيمنة هاتين الفأرتين في أجواء اليمن، وقصف طائراتهما للأبرياء في يوم العيد، إلا واحدة من استعراضات أنثى مسترجلة، وانتفاشة ريش طاووس مزيفة.

سأترك الحديث عن الفئران لوقتٍ آخر، لكني سأتحدث عن الفِيلة...

الفيل الأمريكي بقيادة ترامب، تعربَد فوق العربدة، وأصبح شرًا يطارد الأخيار، ويبتز ويحتلِب الأصفار، وقد وجَّه سهامه وشرَّه نحو أمريكا الجنوبية، وخاصة فنزويلا، وبدأ بحصارها شيئًا فشيئًا، منذ أن تولى الرئيس نيكولاس مادورو الحُكم خلفًا للرئيس هوغو تشافيز، وآخر تلك العقوبات كانت في شهري فبراير ومارس الماضيين.

أصبح الحصار يهد أركان فنزويلا، الدولة النفطية الغنية، حتى تناقص إنتاجها من 3.2 مليون برميل إلى 1.4 مليون برميل يوميًا، وفي المراحل الأخيرة تناقص دون المليون، وبدأ الفقر يطل برأسه بشكل بشع، والهجرة تتزايد، وترامب وعبيده وإمائه  يتفرجون بغرور، وأصبحت أزمة البنزين، هي القضية الخانقة للشعب الفنزويلي، وغدا الحصول على جالون، يستغرق ليلة كاملة في طابور طويل، خاصة بعد انسحاب شركة تبادل الخام الروسية روسنفت، جرَّاء العقوبات الأخيرة.

هُنا قرَّر الفيل الإيراني التدخل، لإنقاذ فنزويلا الحُرة، التي طالما وقفت مع فلسطين وقضايا الأمة، ووقفت أمام الإمبريالية الأميركية، وتحرك الأسطول الإيراني بخمس ناقلات نفطٍ عملاقة، في جُرأةٍ لا يفعلها أحد، ولا يقوى عليها بشر، فوق هذا الكوكب الخطِر.

إيران الخميني وخامنائي، نفسها طويل، ومفاوضاتها مرهقة، لكنها حينما تقُررْ، فلا مكان للتردد.

صاحت الفئران المذعورة، وأصدرت أصواتًا تشبه الصفير، ولم تجد لصراخها آذان تُسمع، فليست في العير ولا النفير، وأصبح صوت البحر يُنذرُ بمواجهة عالمية، فالأمريكي يهدد ويرعد بأنه سيستهدف الناقلات، ويتحدث إلى العالم " كيف تفعل إيران هذا، وهي محاصرة، وتحت العقوبات" وترد إيران القوة على لسان رئيسها روحاني " إياك أن تهدد الأمة الإيرانية... سنرد بكل قوة في حال استهداف الناقلات" ورسمت إيران مسافة 2000كم ككرة نارٍ ملتهبة في حال مسَّ الناقلات أذى.

تحركَ الأسطول الإيراني، بناقلات النفط العملاقة، يرفرف فوقها العلم، وبجواره يرفرف الكبرياء، وتشمخ العزة، وتتطاول الكرامة، وتعانق النخوة السماء، فيما المدمرات، والبوارج، والفرقاطات الأمريكية، تجوب البحار والمحيطات، منكسةً أعلامها، ومسكنةً أذيالها، في حيرةٍ من أمرها، وترامب ينتفُ شعر رأسه، وتُناديه الفئران " أين أنت يا قائدنا، وولينا، وأسد العالم، أتترك إيران تمرغ أنوفنا وأنفك في التراب؟"، فيرد عليهم، وقد اضطربت وظائفُ أعضائه، وفي لسانه رجفة، وفي يديه ثِقَلْ " هذه إيران يا بعرَ الفِئران" .

تمخُر الناقلات عباب البحر، بكل شموخٍ وعزةٍ وأدب، حينما تعبر مضيق باب المندب، وتعانق السماء، وهي تمر بسيناء، ويتناجى أبناء مصر باستحياء، هل نعترضُ على هذا الجبروت والكبرياء، وقد عجز عن اعتراضه الكُبراء...

ارتفعت حدَّة التهديدات الأمريكية، لكنَّ العملاق الإيراني لا يلتفتُ للضجيج، ومضى متحديًا نحو مضيق جبل طارق، حيثُ تنتشر المدمرات الأمريكية في البحر الكاريبي كالأسماك، وتقوم بعملها بشكلٍ روتيني مستمر، لكنها تنحني خوفًا من المجهول، وتتصاغر أمامَ هذا الإصرار المهول، ويتقزمَ الأمريكي المنفوخ، أمام عملاق الشرق الشموخ...

وتبلغُ الصفعة ذروتها، عند وصول أولى الناقلات العملاقة إلى شواطئ فنزويلا، تستقبلها فرحة الشعب الفنزويلي الغامرة، فيما تتلوى أمريكا وجعًا وقهرًا وهزيمة، وتقضم الفئران بقايا شفاهها المتآكلة، وهي تبكي لخستها وحقارتها ودناءتها، وعمرها ونفطها وكرامتها وشرفها الذي وضعته في يد وضيع، وأسدٍ من ورق، لا يحمي لها عورة، ولا يمنع عنها مضرة...

لقد حسبتها إيران بدقة. فإن حدثت مواجهة فلتكُن بجوار أمريكا، ومن فنزويلا، وإن لم تحدث فقد تم كسر أنف الفُجار، وفك الحصار عن بلدٍ شارفَ على الانهيار...

لا شيء يُشبه هذه الصفعة المدوية إلا أزمة الصواريخ الكوبية، والتي يسميها الروس "أزمة الكاريبي"، والتي كادت أن تشعل حربًا عالمية في عام 1962، حينما زوَّد الاتحاد السوفيتي كوبا بصواريخ نووية، وتلقى حينها الرئيس كندي أقوى صفعة من قبل الاتحاد السوفيتي والرئيس الكوبي فيدل كاسترو...

عاشت إيران، حامية الإسلام، وصانعة الكرامة، ومنارة الإباء.

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك