المقالات

إنقلاب العسكر.. بزي مدني  


محمد جواد الميالي ||

 

الأنغلاق السياسي الذي أنتج حكومة عادل عبد المهدي،  أحدث إنشقاقات في الكتل الشيعية وتوافقاتها، تجاه الحكومة التي أدخلت العراق في مأزق بعد أن أتجهت نحو الصين أقتصاديا، العدو المرعب للعسكر الأمريكي.. مما جعل الأقطاب الدولية لتنظر للحكومة بعين الغضب، بسبب بعدها عنهم، وعن مواقفهم.

كل ذلك دفع القوى الإقليمية والدولية، إلى أن تحرك أذرعها داخل فوهة التظاهرات، مستغلة بذلك أجندتها المتمركزة والمحركة لرحم الأحتجاجات،  لتعبث بالشارع وترفع من وتيرة التصعيد، فيسقط القتلى كلما لم تُنفذ اوامرها، في تشكيل حكومة برغماتية تجاه أوامر العم سام، كل ذلك أدى إلى خلل في نظام الشراكة الذي  أُسس له بعد ٢٠٠٣، مما جعل القوى الكردية والسنية ليكون لها صوت في إختيار المكلف لقيادة الحكومة،  الذي هو حق للمكون الشيعي بحكم كونهم الأغلبية.. فضلا عن اللاعب الدولي والأقليمي، الذي يشرف على الموافقة أو الرفض في أختيار الشخصيات المطروحة لهذا المنصب..

المكلف ما قبل الكاظمي كان أحجية اللغز الذي جاء ليحل هذه المعضلة، ويجبر الخصوم على التصويت للرئيس الجديد، لكن وفق شروط ومبايعات "للحجي قبل العم سام" ليكون أول رئيس وزراء تتفق عليه كافة أطراف اللعبة، لكنه حقق الغرض الاساسي الذي كانت تهدف إليه امريكا، بتحريكها لعصى الأحتجاجات غير السلمية، والتلميح بالأنقلاب العسكري..

المفهوم الحديث للديمقراطية والتطور الطبيعي للعالم، يضعنا أمام خيارين لا يمكن أنكارهما، أحدهما أن الدول العظمى لا يمكنها أن تشرك نفسها في حروب عسكرية الفائز فيها هو أكبر الخاسرين،  لذلك منظور الحروب أتجه نحو السيطرة  الإقتصادية.

في الأنقلابات العسكرية، إنتهى الزمن الذي فيه ينقلب الجيش على الحكم ويكون هو المسيطر وإنما أصبح الوضع هو ان تخلع البدلة العسكرية وترتدي البدلة الرسمية، لتكون عسكرية بغطاء مدني، يقود الدولة بالإنتخاب حتى لو كان صوريا، ولنا في مصر خير مثال كل ذلك بتصفيق وتبريك الشعوب، التي تنطلي عليها حيل الأعلام..

رئيس الوزراء، وزير الداخلية والدفاع، رئيس اركان الجيش وباقي مفاصل الدولة، أصبحت تحت قيادة شخصيات عسكرية بقيادة مدنية،  لأن الحكومة العسكرية تكون راضخه تماماً غير مدركة للأمور الإقتصادية،  ودليل ذلك القرار الذي يثار حالياً، بأن الحكومة مقبلة على أقتراض ثمانية مليارات دولار من البنك الدولي، الذي ما أن يقرض دولة حتى يتحكم بكافة مفاصلها الإقتصادية، وتصبح بقرة حلوب للعم سام كما يحدث اليوم مع السعودية، التي اصبحت قاب قوسين او ادنى من ان تغرق في ديونها..

إذا الهدف الرئيسي الذي ترمي إليه أمريكيا، قد تحقق بحكومة عسكرية تحت غطائها العلني، لكن التحديات أمام رئيس وزرائها.. الجديد كبيرة، أولها أن يخرج العراق من أزمة التقشف الإقتصادي دون ان يلجئ للإقتراض، كذلك عليه أن يبعد بلدنا عن الصراع القائم بين العم سام والحجي، وأن يكون وطننا هو الرابط في إيجاد الحلول المرضيه للطرفين..

من المؤكد أيضاً أن الإعلام سيفعل ذلك وأكثر ليلمع صورة الإبن البار لترامب،  وشعبنا كعادته سيسير مغمض العينين، خلف أبواق مواقع التواصل والقنوات المأجورة..

أمل العراق الوحيد في الإنتخابات القادمة، التي ستعتبر التحدي الحقيقي لوعي الشعب، فأما ناخبين يحدثون التغيير، أو نفس الوجوه الكالحة التي تسر العدو..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك