المقالات

الهوى وطول الأمل في السياسة والحكم  


حسن المياح ||

 

أي حاكم سياسي يتصدى للمسؤولية في الحكم ويتحمل أمانة المنصب , فهو أما يتبع هواه , أو يحكم عقله فيما يقول ويفعل .

فالحاكم الذي يتبع هواه , فإنه يتحرك في إنتماءاته وعلاقاته وكلماته وأفعاله وأعماله وفي كل مشاريعه في الحياة , من خلال إتباعه لهواه الذي ينطلق من مواقع الغريزة التي تذبذبه في التصرف , وتلغي أو تغير دائمآ مراكز الثبات والأستقرار فيما يقوم به من نشاط وقرار , ما دامت الغريزة هي الحاكمة عليه , وأنه لا يخضعها الى العقل وأحكامه ليهذبها ويقوم تطلعاتها وأشواقها . فيكون أسير الهوى , مبعدآ لعقله عن مواجهة الموقف وإتخاذ القرار .

وعالم الهوى أساسآ مرتبط بالحس الغريزي والشهوة الذاتية , فيكون التحرك فيه ملامسآ لسطح الأمور , ومركزآ على بداياتها من دون التعمق فيها , ولا حسبان لعواقبها , لذلك تراه يؤثر ذاته وأسرته وحزبه التنظيمي السياسي , فينحرف فيه خط السير القائم على أساس الهوى عن طريق الإستقامة والحكم العادل بين الناس .

وحقيقة نحن لا نرفض الهوى من ناحية المبدأ والأصالة , لأن الله تعالى قد خلق للإنسان غرائزه وشهواته وأحلامه ليأخذ بها ; ولكن على شرط أن يستخدمها في خط التوازن والواقعية الذي يحافظ على سيره في خط الإستقامة والعدل , ليكون ذلك السياسي المسؤول الحكيم الذي يرعى شعبه , ويحافظ على حقوقهم ومصالحهم , ويحمي البلاد من العواصف التي تهب عليه من أجل تدميره وخرابه .

 ولا يكون هذا إلا بإتباع العقل في الحكم والتصرف .

والسياسي الحاكم الذي يتصرف على أساس هواه , فإنه يصيبه الغرور والإستعلاء الذي يؤدي به الى دكتاتورية التصرف في الحكم , وإيثار وجوده الحاكم الخالد , وتمكين حزبه من الإستيلاء على كل مفاصل الدولة والحكومة , غير عابيء بمن يشاركه في الوجود السياسي والمسؤولية والتصدي من أحزاب وتيارات ووجودات سياسية فاعلة , ولا يصغي اليهم في كل حركة يقوم بها , ظانآ بنفسه من خلال هذا التصرف أن وجوده سيطول ويخلد , مما يؤدي به الى أن يعيش في عالم الإلوهية الصنمية السرمدية الخالدة , وليس هناك من سنن كونية حاكمة عليه وعلى وجوده وبقاءه , ويظن في داخل نفسه أنه لا يخضع ليوم يقوم عليه الحساب , لتصنمه المتحجر , وطغيانه المتجبر , ولحكم هواه على عقله.

نعم هكذا يظن ويتصرف الحاكم الذي ينفخه هواه , ويورم ذاته , ويشعره بإستعلاء الذات ودونية الآخر , وأنه هو الرب الأعلى , والإله الأكبر الحاكم اللاشريك له , الذي يتعبده الأتباع والسياسيون الآخرون المتصدون وجميع الناس .

فتراه يفسد ويدعي الإصلاح , ويظلم ويدعي العدل , ويحتكر ويدعي الإنفتاح , ويؤثر ويدعي المشاركة ,  وينحرف ويدعي الإستقامة , ويظن أنه سيخلد في المنصب لا تحركه الريح العاصفة , ولا تقلعه أو تهزه التظاهرات الغاضبة .

هذا هو واقع الحال في الحاكمية في العراق , والذي يجري في الحراك السياسي القائم على أساس التنظيمات الحزبية المستندة في حراكها على الغريزة لا العقل المرشد الهادي .

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك