المقالات

ألواح طينية"؛ جائحة التضليل الإعلامي الحكومي..!  

1751 2020-05-13

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||

 

باتت قضية انتشار المعلومات المضللة مصدر قلق عالمي، وهنا في وطن الصادقين الأوائل؛ وجدنا أنفسنا إزاء "جائحة" كبرى، من الأخبار الإعلامية المضللة التي تضرب في جميع الإتجاهات، وهي بالحقيقة كانت موجودة في مجتمعنا منذ أمد بعيد، لكن تطور وسائل الإتصال بشكل إنفجاري، ووجود الإستعداد المجتمعي لأسباب كثيرة؛ لسنا في صددها في هذه المقاربة، حولها من "حالة" إعتيادية الى "جائحة"، خصوصا بعد عام 2003، حيث التغيير المفصلي الكبير في حياة العراقيين.

أين يكمن الخطر الكبير في الأخبار الزائفة؟ ولماذا يثق الناس بمثل تلك الأنباء؟

تقوم الاخبار الزائفة؛ على تشويه أحداث أو اختلاقها أو تلفيقها، وبناء قص وتقارير عليها لاستقطاب الرأي العام، بناء على الخداع والأكاذيب، والهدف الأساسي منها هو تحقيق مآرب سياسية ومصالح اقتصادية، ويزدهر موسم الأخبار الزائفة؛ خلال الحروب والإضطرابات والأزمات السياسية، كما تنشط أثناء الحملات الانتخابية، التي تهدف إلى النيل من الخصوم، وكسب أكبر قدر ممكن من أصوات الناخبين.

يمكن لكل شخص؛ أن يباشر عملية اقتناص الأخبار الزائفة والعمل على نشرها، حيث لا يلزم أن يكون المرء بارعا في تكنولوجيا المعلومات، بل فقط أن يتوفر له الوقت الكافي، ويعرف مواقع التواصل الاجتماعي؛ وكيف تتعامل مع بعضها البعض، وبإمكان كائن من يكون، ومن أي مكان وفي كل وقت أن يفعل ذلك.

الشائعات بمفهومها التقليدي؛ لم تعد المحتوى المضلِّل الوحيد؛ في عمليات التواصل والإتصال، فقد تنوعت أساليب التزييف والتضليل، منها التلفيق الذي يهدف للخداع وإلحاق الأذى بالخصوم، والتظليل الذي يستخدم المعلومات، بطريقة مضللة لتوجيه الأنظار نحو إتجاهات يرغبها المظلل، والتزوير الذي ينتحل هوية المصادر الحقيقية، فضلاً عن التلاعب بالمحتوى، والسياق المزيف والربط المزيف بوضع عناوين أو صور ليس لها صلة بالمحتوى، إضافة الى التهكم والسخرية التي قد تتسبب أيضا بالتضليل، لكن التنمر يبقى الإعلامي أخطر الأساليب ، لأنه يجمع كل الوسائل الغير مشروعة تقريبا.

لقد إزدادت الفجوة بين الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والشعب، وبات الشعار الشعبوي "كلهم حرامية" شعارا مقبولا جماهيريا، مع أنه شعار تعميمي لا ينسجم مع منطق العقل والأشياء، لكنهم أي المسؤولين الحكوميين والسياسيين، اصبحوا "كلهم" حرامية، لأن العقل الجمعي خضع لسيول من القصص والمعلومات المظللة والمضخمة والكاذبة، لكنها كانتمحشوة بمعلومات حقيقية.

حصل ذلك لأن السياق المجتمعي العراقي بكافة مكوناته، يتيح وبشكل لا إرادي الفرصة أمام انتشار المعلومات المضللة، وهكذا خرج بعض المسؤولين والساسة، ومن على شاشات التلفاز، ليقروا يصفاقة فريدة بأنهم "كلهم" حرامية، دعبول ومشعان وحنان نماذج..!

في هذا الصدد ثمة نتيجة غير سارة، وهي أن المعلومات المضلِّلة تكون قادرة على مقاومة التصحيح، وتزداد هذه القدرة حينما يبتكر الجمهور الشعبوي أسبابا، تدعم المعلومات المضلِّلة التي حصلوا عليها أولاً، كما هو حاصل هنا في العراق، حينما تنمرت شلل شعبوية مارقة؛ على الدولة والشعب والساسة، وبات الجميع تحت سياطها المنقوعة بالسم الأمريكي الزعاف، ولم يلم من سياطها أحد، حتى من أغلق باب بيته على نفسه.

كيف يمكن مواجهة الشعبوية والأخبار الزائفة؟!

تمكن المشكلة في أن وسائل الإعلام الشعبوية، تعلن في غالب الأحيان أنها تساهم في تنوع الرأي، وتقدم نفسها كبديل للتيارات السياسية والإعلامية السائدة، وتدعو إلى الكشف عن حقائق تزييفها من طرف وسائل الإعلام القائمة.

لا بد من القول أنه لا يجوز استخدام الأساليب الشعبوية في مناهضة الشعبويين، لذلك يتعين التفريق بيت التضليل والحقائق؛ بنفس المقدار الذي يجب فيه التمييز الفاحص للرسائل الإعلامية المختلفة، والتفريق بين الصادقة منها والمزيفة.

كلام قبل السلام: تنتقل "جائحة" التضليل الإعلامي؛ الى مستوياتها الأكثر خطرا على المجتمع، حينما تتحول الى مسلك يستخدمه الإعلام الحكومي، الإعلامي الحكومي العراقي الراهن إنموذجا..!

سلام.. 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مواطن
2020-05-13
احسنتم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك